الحرية – ميليا اسبر:
بعض الوزارات تكاد تكون في وضع لا تحسد عليه، وهذا ينطبق على وزارة الاقتصاد والصناعة فهي من جهة مطالبة بضبط الأسواق والأسعار، وبذات الوقت مطالبة بتقديم تسهيلات وتوفير جو منافسة شريفة للتجار والصناعيين ضمن بيئة عمل صعبة جداً، تحكمها سوق أقل ما يمكن وصفها حالياً بالفوضوية، حسب ما قاله الخبير الاقتصادي والمصرفي أنس فيومي في تصريح لـ”الحرية” متسائلاً: هل قرار وزارة الاقتصاد الأخير الذي يلزم المنتجين والمستوردين بطباعة السعر النهائي للمستهلك يمكن أن يضبط حالة السوق؟
فيومي: نجاح القرار يحتاج إلى مرونة في التطبيق
هل كانت الوزارة على دراية كاملة بقدرات من سيقوم بالتنفيذ ضمن ظروف منافسة غير شريفة لبعض المنتجات الاستهلاكية مع وجود تكاليف إضافية متبدلة بشكل دائم، كسعر الصرف وحوامل الطاقة ( وخاصة أن هناك تعديلاً كبيراً في الشرائح قريباً كما ذكرت بعض المواقع )، إضافة إلى ارتفاع أجور العمالة وتكاليف التسويق والنقل إلى آخره، عدا عن طبيعة كل منتج فهناك منتجات صلاحيتها لأيام أو شهور وبعضها لسنوات فكيف يمكن ضبط هذا التسعير بطريقة ثابتة ؟
وتوقع فيومي في حال انعدام المرونة في القرار، فمن المؤكد أنه سيفتح مجالاً لمحاولة الالتفاف على موضوع ثبات الأسعار مثل تبديلها بشكل دائم في محلات العرض، ما يوجد تكاليف إضافية تضاف على المنتج، وهذا حتماً ليس في صالح المستهلك، وقد لا يكون في صالح تاجر المفرق، وقد يصل لحد التلاعب في لصاقات الصلاحية لبعض المنتجات، منوهاً بأن مرونة تطبيق القرار أساس نجاحه.
بحاجة إلى مرحلة انضباط
ويقول فيومي: سبق للوزارة في أكثر من مجال أن أبدت ضرورة بناء جسور ثقة وتعاون بين الوزارة والمنتجين والمستوردين، فهل جمود صيغة القرار يمنح فرصة التعاون وتحقيق الأهداف المشتركة، خاصة أنه صدر دون التشاور مع غرف التجارة والصناعة المسؤولة، ما قد يجعل مثل هذه القرارات تزيد حالة الإحباط وفقدان الثقة.
مضيفاً: إننا اليوم أكثر ما نكون بحاجة إلى مرحلة انضباط من الجميع لتتمكن الحكومة والقيادة من تحقيق سياستها، لذلك يجب الابتعاد عن القرارات التي تخلق حالة من البلبلة والفوضى والتصرف بشكل غير مسؤول.
وأوضح فيومي أن صيغة الأمر في القرار تجعل الوزارة فريقاً بمواجهة فريق آخر من المنتجين والمستوردين، بينما يفضل أن يكون الجميع فريقاً واحداً من أجل سوريا التي نريد، منوهاً أنه حتى عندما صدر بيان عن غرفة التجارة نقلاً عن مسؤول بالوزارة أن المقصود بقرار التسعير هو الإعلان عن السعر في نقاط البيع النهائية، وليس إلزام المنتجين والمستوردين بوضع السعر على السلع، جاء البيان دون توصيف رسمي للمسؤول وما نقل عنه يخالف صيغة القرار الواضحة، مع إلقاء العبء على نقطة البيع النهائية والتي هي بالأصل ملزمة بالإعلان عن الأسعار وفق القوانين والأنظمة.
العودة إلى الأسلوب التجاري القديم
واقترح الباحث الاقتصادي فيومي العودة إلى الأسلوب التجاري القديم بوجود فواتير نظامية من المنتج والمستورد، وتحديد نسب ربح لتاجر الجملة و النصف جملة وتاجر المفرق، لأن لكل صنف من الأصناف الاستهلاكية نسباً تراعي نوعية المنتج وحجم استهلاكه، وهذه الطريقة تساعد حتى مراقبي الوزارة التأكد من نسب الربح، والتاجر يكون حراً في التنازل عن جزء من نسبته دون الحق في زيادتها.