الحرية – محمد زكريا:
في وقتٍ يشهد فيه القطاع الزراعي السوري تحولاتٍ عميقة بعد سنوات طويلة من الأزمات، يبرز سؤال جوهري يطرحه كثيرون من العاملين في الميدان: أين وزارة الزراعة من دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر؟
بالتأكيد هذا السؤال لا يأتي من باب التشفي أو التجني على أحد أو من باب النقد، بل يأتي من باب الحرص على مستقبل الزراعة، وعلى تمكين آلاف الأسر الريفية، التي تشكل العمود الفقري للإنتاج الزراعي والغذائي في سوريا.
حوائج “المشاريع الزراعية الصغيرة” التمويل والدعم الفني المستدام
قلب الاقتصاد الريفي
فالمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر الزراعية، ليست مجرد نشاط اقتصادي محدود، بل هي نمط حياة لآلاف الأسر في الريف السوري، من إنتاج الفطر وتربية النحل والدواجن الصغيرة، إلى تصنيع الأغذية الريفية وتجفيف الأعشاب والعصائر، فهي تمثل هذه المشاريع مصدر دخلٍ حيوياً، ووسيلة لتعزيز الأمن الغذائي المحلي وتمكين المرأة الريفية.
لكن رغم أهميتها، لا تزال هذه المشاريع تعمل في ظروف صعبة، يطغى عليها ضعف التمويل، وغياب البنية التسويقية، وندرة الدعم الفني المستدام.
جهود غير كافية
وللإنصاف لا يمكن إنكار دور وزارة الزراعة في هذا الجانب، حيث أطلقت خلال السنوات الأخيرة عدة برامج واعدة منها، برنامج دعم المنتج الريفي وتسويقه، الذي يهدف إلى مساعدة الأسر الريفية في التعبئة والتغليف والترويج، إضافة إلى مبادرة ” نبتة” بالشراكة مع منظمة الفاو، التي دعمت أفكار الشباب الرياديين لتحويلها إلى مشاريع زراعية، إلى جانب مشروع التحول إلى الري الحديث، الذي أسس لصندوق تمويلي دائم لتقنيات الري الحديثة.
بالتأكيد كل هذه الجهود ملحوظة، ولكنها لا تزال متفرقة وغير مؤسّسة ضمن رؤية وطنية شاملة تستهدف تنمية المشاريع الصغيرة كقطاع قائم بذاته، له سياساته التمويلية والإرشادية والتسويقية الخاصة.
العقبة الأكبر
ولكن تبقى التحديات قائمة في هذا الجانب والمتمثلة في صعوبة الحصول على التمويل وهو التحدي الأول أمام الرياديين الريفيين، فالقروض الزراعية غالباً ما تتطلب ضمانات لا يقدر عليها أصحاب المشاريع الصغيرة، بينما برامج التمويل المتاحة تبقى محدودة، سواء في حجم الدعم أو في عدد المستفيدين، فالنتيجة؟ كثير من الأفكار الجيدة تموت قبل أن تولد، ومشاريع ناجحة تتوقف بسبب نقص السيولة أو غياب المتابعة الفنية.
ركائز أساسية
الخبيرة في التنمية الريفية والإرشاد الزراعي الدكتورة انتصار الجباوي، أشارت لصحيفتنا “الحرية” إلى أن دعم المشاريع الصغيرة يجب أن يتحوّل من مبادرات متفرقة إلى سياسة وطنية متكاملة تتبناها الوزارة، ترتكز على خمس ركائز أساسية، الأولى تقوم على تمويل ميسر وحقيقي عبر قروض صغيرة بفوائد رمزية وضمانات مبسطة، والثانية تتمثل في دعم فني وإرشادي مستمر من خلال وحدات الإرشاد والباحثين الميدانيين، في حين أن الثالثة تتعلّق في تطوير سلاسل القيمة والتصنيع الريفي لتحويل المنتج الخام إلى منتج عالي القيمة، والرابعة تتلخص في تكريس منصات تسويق رقمية تربط المنتج الريفي مباشرة بالمستهلك، والأخيرة هي تمكين المرأة والشباب الريفيين كقاطرة للتنمية الزراعية المستدامة.
نحو رؤية تشاركية
إذا أردنا أن نعيد للريف السوري عافيته، فعلينا أن نبدأ من أصغر مشروع، ومن أبسط فكرة في قرية نائية، فالمزارع الذي يزرع دون دعم، والمرأة التي تنتج في مطبخها، والشاب الذي يحلم بمزرعة ذكية صغيرة… هؤلاء هم صُنّاع التنمية الحقيقية، فلا بد من دعهم وتبني مشاريعهم، ولاسيما أن وزارة الزراعة – بما تمتلكه من مؤسسات وخبرات – قادرة على أن تكون الحاضنة الكبرى لهم، إذا ما وضعت المشاريع الصغيرة في قلب استراتيجيتها، لا على هامشها.
قلب الاقتصاد الريفي
فالمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر الزراعية، ليست مجرد نشاط اقتصادي محدود، بل هي نمط حياة لآلاف الأسر في الريف السوري، من إنتاج الفطر وتربية النحل والدواجن الصغيرة، إلى تصنيع الأغذية الريفية وتجفيف الأعشاب والعصائر، فهي تمثل هذه المشاريع مصدر دخلٍ حيوي، ووسيلة لتعزيز الأمن الغذائي المحلي وتمكين المرأة الريفية.
لكن رغم أهميتها، لا تزال هذه المشاريع تعمل في ظروف صعبة، يطغى عليها ضعف التمويل، وغياب البنية التسويقية، وندرة الدعم الفني المستدام.