كيف نبدأها صح؟.. خبير يطلق مشروعه نحو التفوق والتغيير

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- حسيبة صالح :

انطلقت شرارة الحوار مع الدكتور والاستشاري والخبير في علوم التفوق والتطوير الذاتي، مبتكر منظومة الهندسة الحياتية، حمزة الحمزاوي من سؤال بسيط: كيف نبدأها  صح ؟ لكن الإجابات التي تلت لم تكن بسيطة على الإطلاق، بل حملت في طياتها فلسفة عميقة وتجربة غنية في عالم التطوير الذاتي.

الدكتور الحمزاوي، صاحب مشروع “ابدأها صح”، لا يقدّم وصفات جاهزة، بل يرسم خارطة طريق واقعية، تبدأ من الذات وتنتهي بالإنجاز.

من تجربة شخصية

بدأ الدكتور حديثه للحرية  بالإشارة إلى أن فكرة “ابدأها صح” وُلدت من تجربة شخصية، لكنها نضجت بفعل الحاجة المجتمعية. وقال: “رأيت كيف يتعثر الكثيرون في بداياتهم بسبب غياب التوجيه، فقررت أن أكون ذلك الصوت الذي يقول لهم: هناك طريقة أفضل لتبدأ.”

حمزاوي: من لا يجد بيئة داعمة عليه أن يصنعها بنفسه ولو كانت افتراضية أو داخلية.. التفوق يبدأ من الداخل

وأوضح أن المشروع يسدّ فجوة حقيقية في عالم التطوير الذاتي، حيث يركّز على مرحلة الانطلاق لا على النتائج فقط.

وأضاف: “نساعد الشباب على بناء الأساس النفسي والمعرفي الصحيح، قبل أن ينطلقوا في مساراتهم المهنية أو الشخصية.”

ويشرح الحمزاوي: “ابدأها صح” هو مشروع موسمي نستخدمه في بداية العام الدراسي أو بداية السنة الميلادية أو السنة الهجرية.. دائماً ًنستفيد من فكرة الدافعية في البداية لأن جزءاً كبيراً من الناس يعتمد على لحظة الانطلاق.. بالتالي نحن ندفع في البداية ونتابع ونوجه ونطور إلى أن نصل للتفوق .

علوم التفوق

وعن “علوم التفوق”، قال إنها منظومة من المهارات والسلوكيات التي تُكتسب بالتدريب والانضباط، مشيرًا إلى أن الصفات الفطرية وحدها لا تكفي، قائلاً: “التفوق الحقيقي يُبنى بالوعي، لا بالموهبة فقط.”

وبيّن الحمزاوي  أن من أكثر المفاهيم التي يُساء فهمها في مجال التطوير الذاتي هو اختزاله في التحفيز اللحظي، مؤكدًا أن التطوير الذاتي علم متكامل يشمل التخطيط، إدارة الوقت، الذكاء العاطفي، وفهم الذات.

وعن موقع التطوير الذاتي في العصر الحديث، قال: “هو ضرورة، لكن للأسف يُمارس أحيانًا كموضة. نحن بحاجة إلى إعادة تأصيله كعلم يُمارس بوعي، لا كاقتباسات تُنشر على وسائل التواصل.”

وأضاف :علينا أن نفهم هذه العلوم ونستفيد منها ولكن الأهم أن نستخدمها بما يناسبنا ويناسب مجتمعاتنا وديننا .

وحذر من الانبهار الأعمى أو التقزيم قائلاً: نحن أما منبهرون نمشي وراء كل جديد أو نقزمه ونستخدمه بشكل سطحي.

مقاومة التغيير

وعند سؤاله عن التحدي الأكبر في مسيرته أجاب: الدنيا كلها تحديات وأنا استمتع بهذه التحديات من معوقات أو حواجز، فهي التي تطورنا وتطور مهنتنا من خلال طريقة التعامل معها، مشيراً إلى أن مقاومة المجتمع لفكرة التغيير كانت الأصعب، لكنه تجاوزها بالصبر والتركيز على النتائج التي ظهرت في حياة المتدربين.

وعن حياته خارج قاعات التدريب، وصف نفسه بأنه أب، قارئ نهم، ومحب للطبيعة. وأضاف: “أوازن بين حياتي الشخصية والمهنية بالانسجام الكامل بين ما أقول وأفعل ، سواء كنت في العمل أو مع العائلة.”

ويؤكد الحمزاوي أنه يسعى دائماً ليكون له أثر حقيقيي، وقد وجده من خلال عشرات الرسائل اليومية ما بين دعاء وما بين شكر، إنها الوقود الذي يجعله يستمر.

الشباب ينقصهم التوجيه والقدوة

وفي تقييمه لواقع الشباب العربي، قال الحمزاوي : “الشباب العربي يملك الطاقة والذكاء، لكن ينقصه التوجيه والقدوة. وحين يجد من يؤمن به ويمنحه الأدوات، يتحول إلى قوة لا يُستهان بها.”

وأكد أن البيئة المحيطة تلعب دورًا، لكنها ليست العامل الحاسم، مضيفًا: “من لا يجد بيئة داعمة، عليه أن يصنعها بنفسه، ولو كانت افتراضية أو داخلية. التفوق يبدأ من الداخل.”

ووجّه رسالة للشباب الذين يشعرون بالضياع، قائلاً: “الضياع مرحلة، لا تجعلوها محطة. ابحثوا، جرّبوا، اسألوا، وستجدون الطريق الذي يشبهكم.”

وعند سؤاله عن فلسفته في جملة واحدة، قال: لدي عدة شعارات أؤمن بها منها

(إذا كانت لديك الهمة، ستصل إلى القمة).. (إذا كان الأفضل ممكناً فالجيد لا يكفي).. (كن كالمنارة، لا تشع فقط بل تضيء).

مشروع قدوة

ثم انتقل الحديث إلى مشروع “قدوة”، الذي يحمل اسمًا كبيرًا، فأوضح الدكتور الحمزاوي أن المشروع لا يكتفي بعرض قصص النجاح، بل يُشرك المشاركين في محاكاة قراراتهم، ويضعهم في مواقف حقيقية تساعدهم على اتخاذ خيارات تشبه من يريدون أن يكونوا.

واختتم الحوار بالحديث عن الفرق الذي لاحظه في تفاعل الشباب عندما يكون النشاط قائمًا على التجربة، قائلاً: “الفارق هائل. التفاعل يُشعل الحماس، ويُرسّخ الفكرة. حين يشارك المتدرب في صناعة المعرفة، تصبح جزءًا منه، لا مجرد معلومة عابرة.”

في زمن تتسارع فيه التحديات، وتتشابك فيه الطرق، يقدّم الدكتور حمزة الحمزاوي دعوة صادقة للشباب: لا تبدأ فقط… بل ابدأها صح. فالتغيير لا يحتاج إلى معجزة، بل إلى وعي، وإرادة، وخطوة أولى تُبنى على فهم الذات. وبين مشروع “ابدأها صح” و”قدوة”، تتجلى رسالة واحدة: التفوق ليس حكرًا على أحد، بل خيار متاح لكل من يجرؤ على البدء.

Leave a Comment
آخر الأخبار