الحرية- عمران محفوض:
ليست بجديدة على السوريين، حصلت سابقاً وتحدث اليوم، وربما ستستمر في المستقبل إذا ما بقي التعامل المجتمعي والحكومي ذاته مع أسبابها ونتائجها.
إنها معضلة ارتفاع أو في أفضل الأحوال ثبات أسعار السلع والمواد وحتى أجور الخدمات رغم رياح التغير التي هبت مراراً وتكراراً على شجرة الدولار، وأدت إلى اصفرار أوراقه إلى حد كبير، من دون أن يؤتي هذا الانخفاض أُكُله على جيوب المستهلكين بأي فائدة.. فما السبب ياترى؟
هناك أسباب رئيسية لاستمرار هذه المعضلة السعرية التي ساهمت بتوطينها الحكومات السابقة واللاحقة أيضاً عبر:
– التهاون اللامحدود في تطبيق إجراءات “تحرير الأسعار ” واستبدالها بلعبة تحرير الأسواق من الأسعار؛ فأصبح المنتجون يعرضون السلع في المتاجر والسوبرماركات والمولات بلا تسعير، وأحياناً بمواصفات متدنية وأوزان ناقصة ومكونات مخالفة للشروط الفنية والصحية، ما فتح الباب على مصراعيه أمام تجار الجملة وبائعي المفرق لاستغلال المستهلك، وفرض الأسعار عليه وفق مستوى دخله، ومكان سكنه.
– غياب الرقابة التموينية والصحية والمهنية أو تغييبها بشكل شبه تام عن الأسواق لاعتبارات شتى، بعضها شخصي وآخر داخلي يتعلق بالفساد المستشري في معظم دوائر حماية المستهلك، وثالث يتعلق بالعقوبات والحصار وتمويل المستوردات.
– استمرار عمليات “تسليع” الدولار ومتاهة السعرين ليبقى الميدان مفتوحاً أمام لعبة التسعير الذاتي لجميع السلع ابتداء بالذهب وانتهاء بباقة البقدونس.
– انتشار ظاهرة الاحتكار والغش وحصر إجازات الاستيراد بيد عدد محدود من التجار لغاية التحكم بالأسواق والأسعار وصولاً إلى الهدف المنشود وهو الربح الفاحش دون أدنى إحساس بأحوال الناس المعيشية السيئة.
وزاد في الطين بلة التصريحات الإعلامية حول نية الحكومة الجديدة تطبيق نهج السوق الحر، واعتماد مبدأ التنافسية في عمليات البيع والشراء من دون قوننة ولا تنوع بالإنتاج أو تعدد في مصادر الاستيراد، ما استغله معظم التجار والصناعيين لمصلحتهم سعرياً فقط؛ دون المضي في تحسين جودة المنتجات والخدمات؛ فتعالت صرخات الخوف من محاولات التهريب والإغراق التي طغت على أسواقنا الداخلية خلال الأشهر السابقة.
في جميع الأحوال مازال المستهلك يدفع الثمن غالياً بسبب هذا التقصير الحكومي السابق واللاحق في فرض القوانين والتشريعات على التجار والمنتجين، مع الاعتراف إعلامياً بأن المستهلك الراضخ لسطوة الغلاء على دخله الشهري مشارك مباشر في استمرار لعنة الفلتان السعري التي تلاحقه حتى في أسواق المحافظة المنتجة للمادة أو السلعة التي يشتريها من محل يبعد أمتاراً قليلة عن الحقل الذي زُرعت فيه أو المعمل الذي صُنعت بداخله.