ماذا بعد إنجاز بناء القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين؟.. خبير يضع خريطة لتحقيق تحول إداري شامل

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- باسم المحمد:
بعد كشف وزير التنمية الإدارية السيد محمد حسان السكاف عن إنجاز بناء القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة، في أقل من 100 يوم، وبجهود مكثفة واستنفار كامل للطاقات البشرية والفنية، عادّاً ذلك خطوة نقلة نوعية على طريق تعزيز كفاءة الإدارة العامة.. يمكن القول إننا بدأنا بتأسيس أهم ما يلزمنا في إدارة الموارد البشرية في سوريا، بعد سنوات من التشتت وتبديد الجهود، وتهريب الكفاءات، والتعيين على أساس الولاءات والمحسوبيات، ما نجم عنه تشوه رهيب في تركيبة الدولة السورية ومؤسساتها، والذي بات جلياً بعد سقوط النظام البائد، إذ تعاني جهات عامة من بطالة مقنعة في مكاتبها، وأخرى تتعطش لملء الشواغر التي تلزمها، من الاختصاصات نفسها الفائضة في أمكنة أخرى، وكأننا نعيش في عدة كواكب متباعدة، ضمن دولة واحدة..!
ولعلّ آخر مثال عن الاستهتار بأهمية الاستثمار الأمثل للموارد البشرية المتاحة، هو المسابقة المركزية الأخيرة، التي وصفتها وزارة التنمية الإدارية في ذلك الوقت، بالوصفة الناجعة للتوظيف والابتعاد عن المحسوبيات، لكنها في الوقت نفسه أوجدت أزمة في فرز الناجحين، ما زاد من البطالة المقنعة في القطاع العام، وفي الوقت نفسه لم يعالج النقص الحاد في بعض الاختصاصات.

تخطيط سليم
حسب وصف وزارة التنمية الإدارية فإنّ القاعدة الوطنية المتكاملة، تمثل أداة مركزية لتحقيق الشفافية الإدارية، وضمان عدالة توزيع الموارد البشرية، كما تشكل أساساً متيناً لوضع الخطط السليمة، واتخاذ قرارات أكثر فاعلية في استثمار رأس المال البشري، وتحديث الأنظمة الوظيفية بما يتلاءم مع الاحتياجات الفعلية لمؤسسات الدولة.
ووعدت الوزارة في بيانها يوم الثلاثاء الماضي، بأن المرحلة المقبلة ستشهد استثماراً نوعياً لهذه القاعدة في تطوير السياسات والأنظمة المرتبطة بإدارة الموارد البشرية في القطاع العام، بما يسهم في بناء إدارة أكثر كفاءة، وأقرب إلى تطلعات السوريين.
إلّا أننا كما ذكرنا في البداية، فإنّ هذه تعدّ الخطوة الأولى على طريق إدارة واستثمار المتاح من الموارد البشرية في سوريا، لأن البلد يعاني فجوة كبيرة تحجبه عن التطورات والتوجهات العالمية الحديثة في هذا العالم الذي بات يتطور يوماً بعد يوم، ولاسيما مع دخول التقنيات الحديثة وتطبيقات الذكاء الصناعي، ومفرزات عصر العولمة والحوكمة الإلكترونية والتحولات الاقتصادية.

الاتجاهات الحديثة
الخبير الإداري الدكتور إياس الحمدان، قدم لـ”الحرية” أبرز المقترحات التي يمكن البناء عليها في ضوء الاتجاهات الحديثة التي أعلنت عنها وزارة التنمية الإدارية، وبخاصة بعد إطلاق القاعدة الوطنية لسجلات العاملين، أولها إطلاق نظام وطني موحد للتوصيف الوظيفي، وإنشاء توصيف دقيق لكل وظيفة في القطاع العام يحدد المهارات المطلوبة، ومهام العمل، ومسار الترقية، بما يضمن التوافق بين الكفاءات والوظائف، ويقلل من التوظيف العشوائي.
كذلك تبني نظام التقييم المستمر للأداء الوظيفي، عبر اقتراح نموذج موحد لتقييم الأداء مبني على معايير كمية ونوعية، يشمل: (الالتزام- جودة المخرجات- المبادرة- العمل الجماعي- ربط التقييم بالحوافز والترقيات).
كما أنه لابدّ من اعتماد نظام التوظيف الإلكتروني الشفاف، الذي يقوم بنشر شواغر الوظائف على منصة إلكترونية مركزية، وإتاحة التقديم والمقابلات بشكل رقمي، ما يحدّ من المحسوبيات، ويعزز العدالة بين المتقدمين.
إضافة إلى تحديث آليات التدريب والتأهيل المستمر، من خلال ربط التدريب بالاحتياجات الفعلية للمؤسسات وليس بشكل عشوائي أو شكلي، والتعاون مع الجامعات والمراكز المتخصصة لتقديم برامج حديثة وعملية.

نظام الحوافز والتنقلات والمساءلة
والأمر المهم أيضاً – برأي الحمدان- هو اعتماد نظام الحوافز المرتبط بالأداء، واستبدال نظام المكافآت التقليدي بأنظمة حوافز ذكية تعتمد على الكفاءة والابتكار، من أجل تعزيز بيئة العمل المحفزة على الإنتاجية.
إدارة حركة الموارد البشرية (النقل – الإعارة – الندب) إلكترونياً، عن طريق اقتراح نظام رقمي مركزي لإدارة حركة العاملين يضمن استثمار الطاقات البشرية في أماكنها المناسبة.
إطلاق وحدات تطوير إداري داخل الوزارات، تكون مهمتها تقييم واقع الموارد البشرية بشكل دوري، واقتراح تحسينات داخلية تتناسب مع الخصوصية القطاعية لكلّ وزارة.
تفعيل المساءلة الإدارية، عبر دمج أدوات التتبع الإداري مع نظام الموارد البشرية، بحيث يمكن رصد الخلل أو التقصير واتخاذ الإجراءات التصحيحية.

الكفاءة والتدريب
بناء نظام وطني لإدارة الكفاءات، بناءً على قاعدة بيانات للكفاءات السورية داخل وخارج البلاد، وربطها بخطط الإحلال الوظيفي في المؤسسات العامة.
وفتح المجال أمام الشراكات مع القطاع الخاص، للاستفادة من خبراته في مجالات التدريب والتقييم وتحفيز الابتكار الإداري.
كل هذه المقترحات تسهم في تحقيق تحول إداري شامل، مبني على الكفاءة، الشفافية، والعدالة في إدارة الموارد البشرية، وهو ما يتماشى مع رؤية وزارة التنمية الإدارية نحو جهاز حكومي عصري وفعّال يخدم المواطن بكفاءة.

Leave a Comment
آخر الأخبار