الحرية- باديه الونوس:
جاء تصريح البنك المركزي لـ(رويترز) ، تأكيداً لما يتداول في الشارع السوري عن نية المصرف المركزي في حذف أصفار بهدف تحسين قيمة الليرة واستعادة قوتها الشرائية عن هذا الموضوع وتبعاته، هل فعلاً ستشهد الليرة السورية تحسناً حقيقياً أم وهمياً؟! وما علاقة حذف الأصفار في تغيير القيمة للعملة المتداولة؟.
عن هذه النقاط وغيرها أوضح الدكتور والباحث الاقتصادي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي في حديث لصحيفتنا (الحرية)، العلاقة بين حذف الأصفار وسعر صرف العملة، خاصة في حالة مثل سوريا، حيث المصرف المركزي لا يملك أدوات فعالة لإدارة السوق.
ويطرح الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور قوشجي عدة تساؤلات:
أولًا: هل حذف الأصفار يعني أن الدولار سيصبح 1,000 ليرة سورية؟
قوشجي: يجب أن تسبق الخطوة إصلاحات اقتصادية وتحرير لسعر الصرف
من الناحية النظرية نعم، إذا تم حذف صفرين من الليرة، فإن السعر الرسمي للدولار (11,100 ل.س) سيصبح 111 ليرة جديدة، والسعر في السوق السوداء (10,650 ليرة) سيصبح 106.5 ليرة جديدة. مبيناً أنه إذا ما تم إعادة التسمية للعملة (مثلاً “الليرة الجديدة”)، فقد يُعاد ضبط السعر بشكل رمزي ليكون الدولار يساوي 1,000 ليرة جديدة، كما حصل في دول مثل تركيا أو إيران.
وأضاف: لكن عملياً هذا التحسن ليس بالضرورة لأن حذف الأصفار لا يغير القيمة الحقيقية للعملة، بل فقط شكلها الرقمي، ويخشى إذا لم يكن هناك إصلاح اقتصادي حقيقي، فإن الدولار سيظل يعادل نفس القوة الشرائية، حتى لو تغير الرقم الظاهر.
وتساءل الدكتور قوشجي لماذا لا يمكن الاعتماد على المصرف المركزي لضبط سعر الصرف؟
ببساطة لعدة أسباب منها أن المصرف المركزي السوري يحتاج أن يملك احتياطيًا كافيًا من العملات الأجنبية للتدخل في السوق.
ويعتمد على قرارات إدارية مدعومة بسياسات نقدية علمية، تختلف عن السابق حيث كانت القرارات في النظام البائد تمنع التعامل بالدولار و تفرض سعر صرف رسمي غير واقعي.
كما أن السوق السوداء كانت هي المرجع الحقيقي لتحديد السعر، مما أدى لغياب الثقة بالمصرف المركزي.
تضخم وإرباك
وبين أنه لحذف الأصفار على سعر الصرف في هذه الحالة تبعات عديدة منها: خطر التضخم المقنّع أو المستورد، ويظهر هذا إذا تم حذف الأصفار دون إصلاحات اقتصادية، فإن الأسعار سترتفع تدريجيًا، ويعود الدولار للارتفاع مقابل الليرة الجديدة.
أيضاً قد يحدث إرباك السوق كأن يواجه التجار والمواطنون صعوبة في فهم التحول، ما يوجد بيئة خصبة للمضاربة ورفع الأسعار.
والنقطة الأهم فقدان الثقة، إذا ما شعر الناس أن حذف الأصفار مجرد “تجميل رقمي”، فإنهم سيتجهون أكثر نحو الدولار والذهب، ما يزيد الضغط على الليرة.
تحرير تدريجي لسعر الصرف
ويؤكد الباحث الاقتصادي الدكتور قوشجي إذا أرادت سوريا أن تجعل الدولار يساوي 1,000 ليرة جديدة بشكل مستقر، يجب أن تسبق خطوة حذف الأصفار عدة إجراءات وهي :
إصلاحات اقتصادية حقيقية من خلال دعم الإنتاج، تخفيف العجز، مكافحة الفساد، وتحرير تدريجي لسعر الصرف مع تدخل ذكي من المصرف المركزي عند الحاجة، وبناء احتياطي نقدي أجنبي عبر الصادرات أو دعم خارجي،
وإعادة بناء الثقة بالمؤسسات النقدية عبر الشفافية والاستقلالية.