تدنٍ بمساحات القمح المزروعة بديرالزور .. غلاء مستلزمات الإنتاج أول الأسباب !

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرّية – عثمان الخلف:

تُشير تقارير مديرية الزراعة بدير الزور لتدنٍ بمساحات محصول القمح، المزروعة للموسم الشتوي الحالي 2025 – 2026، مُقارنةً بالخطة التي أقرتها اللجنة الزراعيّة الفرعيّة، مع تسجيل عزوفٍ واضح عن زراعته، وفق تصريحات لمعنيين، كنتيجةٍ لغلاء مُستلزمات العمليّة الإنتاجيّة، بدءاً بالحراثة ومُتعلقاتها، مروراً بمادة السماد وتكلفة الوقود الزراعي لأغراض الري، والتي باتت مُتلازمة مشاكل سنوية، تُعرقل عودة التوسع بزراعة المحصول وسواه من محاصيل استراتيجيّة، باتت وجهة توريدها إلى التجار، الأمر الذي يُخرج مؤسسات الدولة من دورها الوازن في دعم الزراعة، وبالتالي حماية الأمن الغذائي في سوريا ككل.

 غلاء المستلزمات..

وفق أحاديث لمزارعين التقتهم “الحرّية” ، فإن ارتفاع أسعار مستلزمات زراعة محصول القمح تقفُ حائلاً دون زراعته لدى بعض المُزارعين ممن يملكون حيازات واسعة من الأراضي، ليقتصر الأمر على مساحة منها بما يكفي لتأمين الطحين لحين مجيء موسمٍ آخر، ومن هنا تجد، حسب حديث المزارع حسن خضر الحمد أن أهل القرى ممن كان خبزهم اليومي يعتمد على ” التنور” المنزلي ، صاروا يقصدون المخبز الآلي لتأمينه، في ظل انحسار مساحات زراعة القمح.

زراعة 9500 هكتار قمح.. وخطته  22 ألف هكتار

وأضاف: “كانت اللجنة الزراعيّة الفرعيّة تُصدر تسعيرة رسميّة مُلزمة ثمناً لحراثة الدونم الواحد من القمح، وما يرتبط بذلك، هذا الموسم لم نرَ أي تسعيرة بهذا الخصوص تضبط فوضى التسعير الكيفي، والتي تختلف بين صاحب جرارٍ وآخر.
من جانبه يورد المُزارع جاسم الحمد، الأسعار التي تكلفها مع بدء زراعته لمحصول القمح، مُقدراً بأن تصل تكلفة الدونم الواحد لقرابة 1,5 مليون ليرة سوريّة، إذ بلغت تكلفة حراثة الدونم 200 ألف ليرة سوريّة، وتصل سقايته إلى 60 ألف ليرة، حيث يصل ثمن ليتر الوقود الزراعي وفق السعر الرسمي 9 آلاف ليرة، إذ إن اللجوء للوقود غير المُكرر والمُستخرج من حقول منطقة الجزيرة الواقعة تحت سيطرة ” قسد ” يتسبب بأضرار لمحركات الري، وربما يُخرجها عن الخدمة، مُشيراً كذلك لتكلفة مادة السماد الزراعي والتي يحتاجها القمح لضمان نموه الطبيعي، وتأمين إنتاجيته العاليّة إذ يصل ثمن كيس السماد ” اليوريا ” إلى 320 ألف ليرة في حين تبلغ للسماد الترابي 270 ألف ليرة سوريّة، ويُشترى من السوق الحرّة، في ظل غياب المصرف الزراعي عن دوره في تأمين كميات السماد اللازمة، والتي تُغطي احتياجات مُزارعي المُحافظة.
ويؤكد المزارع أحمد العبادي أن عدم دعم الزراعة يعود سلباً على توسع استثمار الأراضي الزراعيّة والتي خرجت مساحات منها خلال سنوات الحرب التي شهدتها ديرالزور، لافتاً لضرورة توسيع العمل بمبادرة القرض الحسن التي أطلقتها وزارة الزراعة الزراعة مؤخراً والتخفيف من شروط الضمانات الرهنيّة، واعتماد الأرض نفسها لسداد القرض، علماً أن مواد إنتاجيّة ممولة بالقرض كالسماد غير متوافرة بما يكفي الاحتياجات.

للزراعة كلمتها

في تصريح لـ”الحرّية” أكد رئيس دائرة الشؤون الزراعيّة والوقاية في مديرية زراعة ديرالزور المهندس عبد الحميد العبد أن المساحات المزروعة بمحصول القمح لاتزال مُتدنيّة، حيث بلغت المساحة المزروعة من المحصول حتى تاريخه 9500 هكتار ، فيما الخطة الزراعيّة للمحصول تصل إلى 22 ألف هكتار، مُبيناً أن غلاء مستلزمات العمليّة الإنتاجيّة بمراحلها كافة، تتسبب في إحجام البعض عن زراعته، مُقدراً بدوره تكلفة زراعة الدونم الواحد ب 1,5مليون ليرة، وكذلك التأخير الحاصل في صرف قيم فواتير الموسم الماضي.
وأضاف: ” مما لاشك فيه أن المساحات المزروعة مع مرور وقت الزراعة، لاتزال قليلة ربما لايزال هناك من ينتظر جفاف الأرض، عقب الهطولات المطرية الأخيرة، والتي صعبت من أعمال حراثة الأرض ، ومن ثم تبدأ زراعته ما نتوقعه حقيقةً الوصول إلى تنفيذ نسبة تتراوح مابين 65 – 70 % من حجم الخطة الزراعيّة للمحصول”.

خطوة .. ولكن

بدوره مدير فرع المصرف الزراعي بديرالزور المهندس محمد عكل أوضح أن تدخلات فروع المصرف بشأن توزيع السماد للمُزارعين تتم وفق الكميات المتوافرة، لافتاً إلى أن المتوفر في المصرف لايتجاوز 200 / طن للسماد الترابي ومثلها لسماد ” اليوريا” .

تقديرات زراعة ديرالزور الوصول لـ70% من خطة القمح المُقرة

مُبيناً أن الخطوة التي اتخذتها وزارة الزراعة بإقرار القرض الحسن لمزارعي القمح، تُعد خطوة مُتقدمة على صعيد دعم المزارعين، وقد تجاوزت أعداد المُسجلين في فرع مصرف ديرالزور 125 مزارعاً، عدا عن فرعي المصرف في مدينتي الميادين والبوكمال، ووفق شروط ليست بالتعجيزية تضمن سداده، حيث يجب على المزارع تقديم وثيقة رسميّة تُثبت حيازته للأرض، وفق خيارين، إما وثيقة التنظيم الزراعي، وهي الوثيقة الأساسية المعتمدة لمنح القرض الحسن أو وثيقة الكشف الحسي في حال تعذر تأمين وثيقة التنظيم الزراعي، مع تقديم ضمانات كفالة من كفيلين اثنين يتمتعان بملاءة مالية يقبلها المصرف الزراعي التعاوني أو كفالة عقارية، ويتم وفق عقد مع المصرف حيث تصل قيمة المواد الممنوحة للمزارع الذي تعاقد على القرض من بذار وسماد إلى 15 مليون ليرة سوريّة، علماً أن سداد القرض يبدأ فور انتهاء موسم الحصاد،  ولا فوائد عليه بالمُطلق، وأشار عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الفلاحين محمد العاشق، لإمكانية فتح التسجيل على القرض مُجدداً.
هذا ولا تُشير أرقام المُتقدمين للحصول على القرض المذكور لأعداد كبيرة بهذا الاتجاه، بالنظر لما سلف ذكره من عدم توفر مواد ممولة به كالسماد، حسب ماورد آنفاً من شكاوى مُزارعين فالأكثرية ممن زرعوا المحصول اعتمدوا على مايتوافر لديهم من إمكانيات مادية لتمويل زراعته.

أرقام :

وكانت مساحات زراعة محصول القمح لموسم 2024- 2025 ، بلغت 13660 هكتاراً، فيما ناهزت 22 ألف هكتار لموسم العام 2023، وأعلنت المؤسسة السورية للحبوب أن إجمالي الكميات المستلمة من محصول القمح لموسم 2025 بلغ نحو 213 ألف طن، توزعت على مختلف المحافظات، ووصلت الكميات المُسوّقة بدير الزور إلى 7,337 طناً، فيما جرى استلام كميات منه ناهزت 250 ألف طن، كهدية من القطر العراقي الشقيق، عبر منفذ البوكمال الحدودي وزعت على المحافظات كل حسب حاجتها.

تقديرات تكلفة زراعة الدونم الواحد 1,5 مليون ليرة

وفي تقرير لبرنامج الأغذية العالمي صدر في وقتٍ سابق أشار إلى أن أكثر من نصف سكان سوريا يعانون انعدام الأمن الغذائي وقد يواجه ما يقرب من 3 ملايين شخص جوعاً شديداً، مُبيناً في سياق التقرير إلى انخفاض نسبة إنتاج القمح هذا العام بلغت 40 في المئة مع جفاف هو الأسوأ منذ 36 عاماً، فيما يأمل مزارعو ديرالزور أن تُسهم الهطولات المطرية في التخفيف من مصاريف زراعة المحصول ونموه بشكلٍ جيد، في الوقت الذي لا يزال إنتاج منطقة الجزيرة الواقعة تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطيّة خارج حسابات إنتاج المحافظة، حيث يُسجل هذا الموسم توجهاً للزراعة البعليّة فيها، إثر المُنخفض المطري الأخير والذي سجل في عموم المحافظة 18 مم بمدينة الميادين وريفها، و 2,3 مم في ديرالزور ومحيطها، والبوكمال ومحيطها 6,8 مم، وناحية الكسرة 3 مم.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار