معادلة الفلاح والتاجر

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية-عمران محفوض:

بعد تغييب دور ما كان يعرف باسم “مؤسسات التدخل الإيجابي” عن عمليات التسويق الزراعي والحيواني، أصبح الفلاحون يجابهون تجار أسواق الهال بلا خيارات تدعم رغباتهم في تصريف منتجاتهم وفق قاعدة “الحد الأدنى من الربح” أو في معظم المواسم “عدم خسارة المحصول”، حتى باتوا الحلقة الأضعف بين مجموعة حلقات من الأقوياء الذين بنوا قواعد قوتهم أصلاً من عرق الفلاحين وأثمان مزروعاتهم، وشيدوا إمبراطورياتهم المالية من استغلال جهدهم وحاجاتهم الحياتية.
كثيرة هي الأوصاف التي لازمت معظم تجار أسواق الهال.. “مافيات حقيقية– حيتان كبيرة– أكلو تعب الفلاح ودخل المستهلك..”، حتى تحوّلت هذه الأسواق إلى ساحات ومحلات تحكمها الفوضى وفرض الأمر الواقع على مزارع مسكين قضى مع عائلته عاماً كاملاً يشقى ويكدّ في أرضه إلى أن جاء يوم حصاد محصوله ومن ثم بيعه في سوق الهال، والنتيجة المخيبة لأمله.. أن ثمن المحصول لا يكفي أجرة السيارة التي نقله فيها، وفي أحسن الأحوال ثمن صناديق تعبئته.. ليبقى السؤال محيراً: ماذا يحدث في أسواق الهال؟.
الجواب: لقد تحولت أسواق الهال إلى مجمّعات لتصريف المنتجات الزراعية والحيوانية تعمل من دون ضوابط أو قواعد تنظّم العمليات التسويقية فيها، بل إن القائمين عليها يفرضون أسلوب عمل يضرّ بالمنتج والمستهلك على حد سواء عبر فبركة مزادات وهمية بين بعضهم بعضاً، زد على ذلك أنها أصبحت أماكن لضياع مئات مليارات الليرات من حق الفلاحين والمستهلكين، عبر فرض التجار آلية تسعير مجحفة تعود بالليرات على صاحب المنتج الزراعي وبالملايين على تاجر سوق الهال وتنتهي بغلاء فاحش في محلات بيع المفرق.
اليوم.. المطلوب تنظيم هذا القطاع واستثماره بالشكل الأمثل وبما ينعكس إيجاباً على توفير احتياجات المواطنين بأسعار مناسبة وتنظيم عمليات تجارة بيع الجملة ونصف الجملة للخضار والفواكه والمواد الغذائية وإقامة مشاغل لتوضيبها.. وأكثر من ذلك يجب القول لـ”مافيات أسواق الهال” كفى.. فليس مقبولاً أن يستمر عمل أسواق الهال على هذه الحال نظراً للدور الحيوي لها، خاصة أنها قطاع مساند للعمل الحكومي في تأمين السلع والمواد، ولذلك لابد من تنظيمها وتفعيل دورها كأداة تساعد على استمرارية تدفّق المواد الأساسية إلى الأسواق بالجودة والأسعار المناسبة، وبما يواكب الزيادة المنشودة في الإنتاج الزراعي، وينظم عملية التسويق في هذه الأسواق من خلال تحقيق تجارة عادلة وشفافة لجميع الأطراف، تعتمد على نظام معلومات تسويقية دقيقة بهدف الرصد المستمر للمشكلات التسويقية، والتقدير السريع لاحتياجات السوق من المنتجات والسلع الغذائية، إضافة إلى مراقبة جودة المنتجات المصدّرة والمستوردة، وبين هذا وذاك لابأس أن يكون مبدأ العرض والطلب سيد الموقف في تعاملات الأسواق، كبديل حقيقي عن ممارسات الاحتكار والاستغلال المتبعة لدى البعض، ولا نقول الجميع حتى نكون منصفين.

Leave a Comment
آخر الأخبار