على أعتاب المفاضلة الجامعية.. كيف تختار طريقك نحو المستقبل؟

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- وديع الشماس:

مع اقتراب صدور مفاضلة التعليم العالي، يقف آلاف الطلاب السوريين أمام واحد من أهم القرارات في حياتهم: اختيار الاختصاص الجامعي الذي سيرسم ملامح مستقبلهم العلمي والمهني والاجتماعي، إنّها لحظة مفصلية، لا تحدد فقط سنوات الدراسة المقبلة، بل تحدد أيضاً نوعية الفرص التي ستتاح لكل شاب وفتاة في سوق العمل، ومقدار ما يمكن أن يقدمه لوطنه وهو ينهض من جديد بعد سنوات الحرب.

المعيار الأول: المعدل هو مفتاح الباب

لا شك أنّ مجموع الطالب في الثانوية العامة هو الشرط الأول والأساسي، فهو الذي يفتح الباب أو يغلقه أمام كليات بعينها. لكن هذا المعدل ليس سوى بداية الطريق، فالقرار الحقيقي لا يُبنى على الأرقام فقط، بل على وعي الطالب بنفسه وبلده ومستقبل مجتمعه.

سوريا وإعادة الإعمار: أولوية للهندسات

اليوم، ونحن نعيش مرحلة إعادة إعمار الوطن، يبرز دور الهندسات بمختلف فروعها كركيزة أساسية: المدنية لإعمار البيوت والجسور، المعمارية لإحياء المدن، الكهربائية والميكانيكية والمعلوماتية لتطوير البنية التحتية والصناعية. كل مهندس سيكون لبنة حقيقية في بناء سوريا الجديدة، وبالتالي فإنّ الإقبال على هذه الاختصاصات ليس مجرد خيار شخصي، بل مساهمة في مشروع وطني كبير.

بين الدراسة الطويلة والاختصاصات السريعة

هناك من يحلم بالطب، بما يحمله من رسالة إنسانية نبيلة، لكنه يحتاج لسنوات طويلة من الدراسة والتخصص قبل أن يدخل سوق العمل، في المقابل، هناك من يفضل المعاهد التقنية أو الاختصاصات التطبيقية التي تختصر المسافة وتفتح أبواب العمل بسرعة، خصوصاً لمن يريد مساعدة أهله ومساندتهم في ظروف الحياة القاسية.

الدراسة الافتراضية والتعليم المفتوح: خيار للمرونة والاندماج في سوق العمل

مع تزايد الخيارات التعليمية، يختار بعض الطلاب الدراسة الافتراضية أو التعليم المفتوح، ولاسيما في الاختصاصات التي توفرها الجامعات، ما يمنحهم مرونة أكبر للاندماج في سوق العمل أثناء الدراسة، هذا الخيار يتيح للطالب تطوير مهاراته العملية وكسب خبرة مهنية مبكرة، دون أن يتخلى عن مساره الأكاديمي.

الرغبة الشخصية: سرّ النجاح الحقيقي

كثيراً ما نسمع طلاباً يدرسون في كليات لا يحبونها، فقط لأن معدلاتهم فرضتها عليهم أو لأن المجتمع رسم لهم مساراً معيناً. النتيجة غالباً إحباط وتسرب وفشل. الرغبة والشغف هما العنصران الحاسمان: من يحب اختصاصه يبدع فيه، ومن يبدع يفرض مكانه في سوق العمل مهما كانت الظروف.

الجامعات الحكومية والخاصة: بين الطموح والإمكانات

التعليم الحكومي يفتح أبوابه للجميع لكنه يتطلب معدلات مرتفعة، أما الجامعات الخاصة فهي حلّ لمن لم يسعفه معدله، لكنها تحتاج إلى إمكانات مادية قد لا تكون متوافرة لدى الكثير من الأسر، هنا يظهر دور العائلة في الموازنة بين الطموح والقدرة المادية.

الاختصاص والجندر: واقع اجتماعي يؤثر في الاختيار

اختيار بعض الاختصاصات يتأثر أحياناً بالجندر، إذ تميل بعض التخصصات إلى الطلاب الذكور مثل الهندسات والميكانيك، بينما تحظى كليات مثل الطب والتمريض والتربية بنسب أكبر من الطلاب الإناث. ومع ذلك، فإن هذه الاتجاهات تتغيّر تدريجياً مع وعي الشباب بحرية الاختيار ومسؤولية المساهمة في بناء المجتمع.

كلمة للشباب

إلى كل طالب يقف الآن أمام ورقة المفاضلة: تذكر أن مستقبلك ليس مجرد شهادة تعلّقها على الجدار، بل هو رسالة ومسار حياة. لا تدع المجتمع يفرض عليك اختصاصاً لا تحبه، ولا تستهين بدورك في بناء بلدك. اختر بعقل، لكن لا تنسَ أن تسمع صوت قلبك أيضاً.

خاتمة

الاختيار الجامعي ليس نهاية الطريق بل بدايته، وسوريا الجديدة تحتاج إلى كل شاب وفتاة، في كل مجال: الطبيب والمهندس، المعلم والمحامي، الفني والعامل. كلٌّ منكم لبنة في هذا الوطن، فلا تترددوا في أن تكونوا أنتم الجيل الذي يكتب قصة النهوض من جديد.

Leave a Comment
آخر الأخبار