الحرية – أنطوان بصمه جي:
امتلأت ورشات المعهد الصناعي الثالث بحلب بالنشاط، ففيها لا يقتصر الأمر على تعلم الحرف فحسب، بل على صناعة الأمل وتأمين مستقبل تعليمي أفضل.
في تلك الورشات تلتزم المطارق والمناشير، تخرج إلى الحياة مشاريع حقيقية تخدم المجتمع، أبرزها كان اليوم تصنيع 30 ألف مقعد مدرسي، ضمن تعاون نوعي بين مديرية التربية في حلب وحملة لعيونك يا حلب.

وتأتي هذه المبادرة بهدف سد العجز في المقاعد المدرسية، وكونها محطة تدريبية عملية لغرس القيم المهنية في طلاب المعهد، وتحويل مهاراتهم النظرية إلى منتجات ملموسة تخدم أقرانهم في مدارس محافظة حلب.
وأوضح مصطفى نيّال مدير المعهد الصناعي الثالث خلال تصريح لصحيفة “الحرية” أن الهدف من الحملة تجهيز نحو 30 ألف مقعد مدرسي، بالتشاركية مع حملة “لعيونك يا حلب” التي تتكفّل بتأمين المواد الأولية اللازمة للإنتاج، مبيّناً أن هذه التجربة تُعدّ فرصة تدريبية حقيقية للطلاب، إذ تجمع بين الجانب المهني التطبيقي والتعليم النظري، وتُسهم في تعزيز كفاءاتهم وصقل مهاراتهم العملية .
وبيّن بسام رمضان رئيس قسم ورشة النجارة في المعهد، أن عملية تصنيع المقعد الخشبي تمرّ بنحو 13 مرحلة إنتاجية، تبدأ من تقطيع الخشب مروراً بعمليات الصنفرة والتجميع والبخ وصولًا إلى التسليم النهائي، مشيراً إلى أن جميع مراحل الإنتاج تتم بمشاركة فعّالة من الطلاب ومعلمي الحرف والاختصاصيين.
بدوره، أوضح معلم الحرفة عبد الكريم ملاح أن دوره يتمثل في الإشراف على الطلاب في مختلف مراحل العمل، مؤكداً أن الطلاب يتدرّبون منذ الصف الأول الثانوي المهني وحتى التخرّج من المعهد، ما يمنحهم أساساً قوياً يؤهلهم لدخول سوق العمل بثقة وكفاءة .
من جهتهم، تحدّث الطالبان محمد أوسو ويوسف اليحيى وهما في السنة الدراسية الثانية في المعهد الصناعي الثالث، ومن المشاركين في العملية الإنتاجية عن الفائدة الكبيرة التي حققاها من خلال المشاركة في جميع مراحل التصنيع، مؤكدين أن العمل في الورشات أكسبهم الخبرة والإتقان والثقة في التعامل مع الآلات.
وتأتي هذه الجهود ضمن مبادرات نوعية لدعم العملية التعليمية في حلب، حيث يجسّد هذا التعاون بين الجهات التعليمية والمجتمعية نموذجاً ناجحاً في ربط التعليم المهني باحتياجات المجتمع، وتحويل مهارات الطلاب إلى نتاج عملي يخدم مدارس المحافظة وطلابها.
تأتي هذه المبادرة كمثال حي على نجاعة ربط مخرجات التعليم المهني باحتياجات المجتمع الملحة، فهي لا تدعم القطاع التربوي في محافظة حلب بتأمين مستلزماته الأساسية بل تُعيد تأهيل جيل من الشباب الماهر القادر على الإسهام في إعمار البلاد وبناء مستقبلها.