ملف سيادي بثمن باهظ .. إعادة الإعمار ضرورة لا تحتمل الانتظار

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية_ رشا عيسى:

تحولت قضية إعادة الإعمار في سوريا من ملف اقتصادي أو عمراني، إلى عنوان رئيسي لمستقبل الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد، فحجم الدمار الواسع، وتدهور الأوضاع المعيشية، يفرضان الانتقال من دائرة النقاش إلى دائرة الفعل، غير أن هذا الانتقال يصطدم بجملة من الشروط والتحديات المعقدة.

من التشخيص إلى التخطيط

وأشار الباحث نبيل الملاح ل “الحرية” إلى أن أي خطوة جدية نحو إعادة الإعمار تستوجب أولاً تشخيصاً دقيقاً لحجم الدمار، عبر إعداد خرائط شاملة للمناطق المتضررة، وتحديد طبيعة التدخل المطلوبة في كل منطقة، ويتطلب ذلك أيضاً دراسة إمكانية اعتماد مخططات تنظيمية حديثة، تأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية، ومتطلبات التنمية المستقبلية، ومعايير السلامة العمرانية.
كما لا يمكن فصل إعادة البناء عن إعادة تأهيل البنية التحتية، باعتبارها العمود الفقري لأي عملية إعمار ناجحة وقابلة للاستمرار.

كلفة تتجاوز الإمكانات الوطنية

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكلفة إعادة الإعمار في سوريا قد تصل إلى 600 مليار دولار، وهو رقم يعكس حجم الكارثة، ويؤكد في الوقت ذاته محدودية القدرة المالية للدولة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
ويؤكد الباحث الملاح أن الواقع يفرض البحث عن مصادر تمويل خارجية، سواء عبر قروض طويلة الأمد أو منح ودعم مباشر، إضافة إلى العمل على عقد مؤتمر دولي مخصص لإعادة الإعمار، يوفر الإطار السياسي والمالي اللازم لإطلاق العملية.

المجتمع الدولي و اختبار المسؤولية

يرى الملاح أن المجتمع الدولي، ولا سيما الدول الكبرى، تتحمل جزءاً أساسياً من مسؤولية دعم إعادة إعمار سوريا، باعتبار أن استقرار البلاد يشكل عاملاً حاسماً في استقرار المنطقة بأكملها.
ويتطلب ذلك، وفق الملاح، بلورة مقاربة جيوسياسية سوريّة واقعية، تقوم على المصالح المشتركة، وتسهم في خلق بيئة آمنة وجاذبة للدعم والاستثمار.

الفقر كعامل ضغط خطير

يُحذر الملاح  من أن استمرار التدهور المعيشي وتوسع دائرة الفقر يشكلان خطراً حقيقياً على السلم الاجتماعي، فغياب مبادرات فعلية لإعادة الإعمار، أو غموض الأولويات، يؤديان إلى تعميق الأزمة بدل معالجتها.
ويؤكد الباحث الملاح أن البدء المنظم بإعادة الإعمار، وتحديد أولوياته بوضوح، يمكن أن يشكل مدخلاً أساسياً لتخفيف الأعباء المعيشية، وتحريك عجلة الاقتصاد، واستعادة الثقة العامة.

إعادة الإعمار كخيار استراتيجي

يرى الملاح أن إعادة الإعمار لم تعد ملفاً تقنياً قابلاً للتأجيل، بل خيار استراتيجي يرتبط بمستقبل الدولة والمجتمع، فإمّا أن تُدار العملية برؤية شاملة وتمويل كافٍ وتعاون دولي، أو يبقى الواقع المعيشي رهينة الجمود والتهور.

Leave a Comment
آخر الأخبار