منصات رقمية “تحتال” على المواطنين وتكبدهم خسائر كبيرة..وخبير اقتصادي يوضح كيفية تجنبها واختيار الموثوقة لاستثمار آمن.؟!

الحرية- رحاب الإبراهيم :
ضجت مدينة حماة وغيرها من المدن السورية بإغلاق منصات التداول الرقمي فجأة، دون سابق إنذار، ما عرض آلاف المواطنين إلى خسائر كبيرة، علماً أن كثر لجؤوا إلى هذا الخيار في ظل قلة فرص العمل للشباب تحديداً، وهو ما عمد مروجو منصات التداول إلى استغلاله والتلاعب على وتر تحصيل أرباح جيدة خلال وقت قصيرة تحسن من خلالها مستوى معيشتهم، وسط تساؤلات عن سوق التداول الرقمي في سوريا ،وإمكانية الاستثمار فيه في ظل عدم امتلاك المعرفة الكافية للاستثمار الناشئ وصعوبة ضبطه ومحاسبة شبكات الاحتيال في عالم مترامي الأطراف.

“الحرية” تواصلت مع عدد من المواطنين الذين دخلوا سوق التداول الرقمي بعد إقناعهم بأرباحه الجيدة، معتمدين على معرفتهم المسبقة بعدم امتلاك هؤلاء الأشخاص مداخيل جيدة لتأمين لقمة عيشهم، حيث وجدوا في التداول الرقمي نافذة لتحصيل مال يغطي احتياجاتهم الشهرية ويقيهم حاجة الناس في ظل قلة فرص العمل، ليقول الشاب أحمد “أب لطفلين من قرى حماة: أجد صعوبة في إيجاد فرصة عمل أطعم بها أولادي، لذا حين أخبرني صديقي عن التداول الرقمي وأرباحه الجيدة قررت خوض هذه التجربة رغم أني لا أملك المال اللازم، الذي اقترضته من أحد الأقارب، وفعلاً حققت في البداية رغم قلة خبرتي أرباحاً مقبولة سددت فيها ديني، لكنها لم تكمل معي بعد إغلاق بعض المنصات الرقمية فجأة، ما عرضنا إلى خسائر محدودة” مشيراً إلى إعجابه بفكرة التداول الرقمي شرط التأكد من موثوقية المنصات التي تعمل بهذا المجال، الذي يعد كأي عمل تجاري فيه ربح وخسارة.
في حين عبرت نعيمة حسن عن استيائها من عملية النصب الإلكتروني التي تعرضت لها، حيث وضعت مبلغ كانت محتفظة فيه للأيام السوداء على أمل تحسين واقعها المعيشي، وخاصة أن احتياجات عائلتها المؤلفة من ٦ أشخاص كبيرة جداً ولا يغطيها راتب زوجها التقاعدي، فتقول لـ”الحرية”: “اجت الحزينة لتفرح ما لقت لحالها مطرح”، فهذه المنصات تسببت بخسارة كل ما أملك على قلته، لكن يجب تقبل هذه الخسارة كونه لا يمكن محاسبة أصحابها المحتالين، الذين يشبهوا جامعين الأموال على أرض الواقع، مطالبة بإيجاد آلية معينة لمعرفة المنصات الموثوقة من عدمها نتيجة صعوبة محاسبة المحتالين.

الاحتراس من التصيد

“الحرية” تواصلت مع الباحث الاقتصادي د.فاخر القربي، للحديث عن مخاطر التداول الرقمي وكيفية تجنب الوقوع في مصيدة الاحتيال والنصب، ومزايا الاستثمار في العالم الرقمي وإيجابياته، حيث أكد أن مجال العملات الرقمية مليء بالابتكار والمنتجات المثيرة للاهتمام، ولكن لسوء الحظ فإنه يعاني أيضاً من جميع أنواع الاحتيال للعملات الرقمية، ما يوجب عدم الوثوق في الغرباء على الإنترنت والحذر من المخططات الهرمية ومخططات بونزي.
وشدد د.القريي في حال الحاجة إلى المساعدة يجب التواصل مع قنوات دعم العملاء الرسمية، ويجب الاحتراس من التصيد الاحتيالي والتوقيعات المتعددة والتوزيعات المجانية وعمليات الاحتيال بالهدايا، إضافة إلى التحقق من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي بعناية لتجنب الوقوع في فخ الحسابات الشخصية المخادعة (المزيفة)، مع استخدام مدير كلمات مرور حسن السمعة والتأكد من الاحتفاظ بمفاتيحك الخاصة والعبارات الأولية دون اتصال بالإنترنت، مع تقسيم العبارة الأولية لمزيد من الأمان.

الاستثمار الآمن

وبين د. القربي أن العملات الرقمية أثرت على منظومات مختلفة عن طريق تقديم ميزات مبتكرة تميزها عن البروتوكولات والعملات التقليدية، وتشمل بعض الجوانب الفريدة للعملات الرقمية، أهمها اللا مركزية والشفافية وعدم القابلية للتغير والقابلية للبرمجة والقدرة على عبور الحدود علماً أن مخزونها محدود، فالعديد من العملات الرقمية لها مخزون محدود، فمثلاً تتمتع البيتكوين بمعدل إصدار متوقع ومخزون أقصى يبلغ 21 مليون عملة، ما يساهم في تعزيز إمكاناتها كـ مخزن للقيمة ويساعد هذا المخزون المحدود على منع التضخم وقد يؤدي إلى زيادة الطلب بمرور الوقت.
وشدد د.القربي على أنه يمكن الاستثمار بأمان في العملات الرقمية كالأصول المالية كون الاستثمار في العملات ينطوي على مخاطر ويتسبب في خسائر مالية، مشيراً إلى أهمية إجراء أبحاث خاصة، فمن المهم فهم أساسيات البلوكشين مثل الأنواع المختلفة للعملات الرقمية وديناميكيات السوق قبل الاستثمار في أي عملة رقمية، مع البدء بالكتب والمدونات والبودكاست والمنتديات، مع أهمية دراسة المشروعات والفِرق والتكنولوجيا الخاصة بالعملات الرقمية المختلفة، لاتخاذ قرارات مستنيرة.

اختيار منصات موثوقة

ومن أجل الاحتراس من عمليات الاحتيال يفضل حسب د.القربي البدء بتداولات صغيرة لن تضر في حالة الخسائر، علماً أن هذا النهج يتيح تجربة وتطويراً في فهم أفضل لاتجاهات السوق دون المخاطرة كثيراً، مع ضرورة البقاء على اطلاع واختيار منصة حسنة السمعة لتداول العملات الرقمية، مع اتباع منطق إدارة المخاطر، فقبل الاستثمار في أي عملة رقمية، من المهم تطبيق بعض أساليب إدارة المخاطر، فعلى سبيل المثال استثمار ما يمكنك تحمل خسارته وتحديد طلبات إيقاف الخسارة للحد من الخسائر المحتملة يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً.