منظومات ري حديثة تخدم 2500 هكتار من الأراضي الزراعية.. إنعاش الزراعة في “سهل الروج” سلة إدلب الغذائية

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية- علام العبد:

استطاعت منظمة إحسان للإغاثة والتنمية و”الفاو” بالتعاون مع وزارة الزراعة السورية ممثلة بمديريتها في إدلب اليوم إعادة الروح لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في سهل الروج في ريف إدلب الغربي من خلال تنفيذ مشاريع لدعم الأمن الغذائي والزراعة، بما في ذلك دعم المزارعين في زراعة الزيتون والزراعات الأخرى، وعملتا أيضاً على إعادة تأهيل وتشغيل أنظمة ري متطورة تخدم ما يقارب من 2500 هكتار بعد تعزيل قنوات الري المكشوفة لتخديم الأراضي الزراعية في المنطقة، إضافة إلى تزفيت الطرق المؤدية إلى القنوات بما يسهم في تسهيل وصول المزارعين وتحسين الواقع الزراعي والخدمي وذلك بالتعاون مع منظمات أخرى وتحت إشراف ومتابعة ميدانية من قبل إدارة منطقة أريحا.

دعم زراعي شامل

لقد قامت منظمة إحسان في الموسم الزراعي 2017- 2018 بتنفيذ مشروع لدعم المزارعين الأكثر احتياجاً في سهل الروج وسراقب، ليشمل دعم زراعة الزيتون وغيرها من الزراعات.
ويوضح الباحث الزراعي المهندس محمود أسعد أن المنظمة ساهمت بتطوير البنية التحتية الزراعية وذلك بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبدعم من المنتدى السوري، في إعادة تأهيل وتشغيل أنظمة ري متطورة تغطي مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في سهل الروج.
وقال في تصريح لصحيفتنا ” الحرية “: تهدف مشاريع المنظمة إلى تعزيز كفاءة استخدام الموارد في القطاع الزراعي، ما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والغذائي للمجتمعات المستهدفة.
وأشار إلى أن الحياة عادت إلى القنوات الزراعية المكشوفة في سهل الروج بحركة جماعية بدأت من أهل الأرض أنفسهم.
بدعم من الفاو وبالتعاون مع إحسان للإغاثة والتنمية، ومن خلال أحد برامج المنتدى السوري، حيث شارك 70 فرداً في تنظيف القنوات ضمن نشاط يدمج فرص العمل بتحسين البنية الزراعية.
ولفت إلى أنه تم تجهيز المشاركين بكامل أدوات العمل وملابس الأمان وسلال الإسعافات، في بيئة منظمة تسهم في تأهيل القنوات بكفاءة وتعزز من استقرار الزراعة والدخل المحلي.
وأضاف: ‏في سهل الروج، أقيمت دورة لـ 250 مزارعاً تلقوا فيها تدريبات متخصصة، بدعم من ” الفاو ” وبالتعاون مع ‘إحسان’، وتهدف هذه التدريبات إلى تعزيز مهاراتهم ومواكبة التحديات الزراعية الحديثة.

250 مزارعاً تلقوا تدريبات متخصصة لتنمية مهاراتهم الزراعية

سلة إدلب الغذائية

يقع سهل الروج في القسم الغربي من محافظة إدلب كنقطة اتصال بين مناطق حارم وأريحا وجسر الشغور بمساحةٍ تقدر بـ(13100) هكتار، ويعد امتداداً لسهل الغاب شمالاً وارتفاعه( 220)م، وسطحه منبسط في الوسط، كان يؤلف مستنقعات تعرف بأرض الغرق وقد تمَّ تصريف مياهه بنفق صناعي يتصل بنهر العاصي.
وكشف الباحث الزراعي الدكتور توفيق درويش أن تسمية سهل الروج جاءت من اللغة الفرنسية نسبةً لتربته الحمراء المائلة إلى السواد، وحجارته السوداء ذات الطبيعة البركانية.

مبيناً في تصريحه لصحيفتنا” الحرية ” أن السهل يعد امتداداً لحوض العاصي حيث كان يمثل أحد المجاري المائية في القديم، وقبل مشروع تجفيف الغاب، كما يعتبر من أكثر البقاع خصوبةً وأغناها بالمياه الجوفية، لذلك فهو يحتوي على أهم الزراعات الاستراتيجية من القمح والقطن والشمندر السكري، تقوم عليها أكثر من (65) قرية إضافة إلى القطن والتبغ والحبوب كالقمح والشعير.

مشاريع مائية مهمة

و أقيم في سهل الروج العديد من المشاريع المائية، منها حفر قنوات مائية تصل إلى كل الأراضي الزراعية.
هذا ما قاله المهندس عبد العزيز عبد العزيز المدير السابق لفرع مشاريع الموارد المائية في محافظة إدلب، وأضاف لقد أقيمت هناك مشاريع ضخمة ومهمة منها مشروع (حوض العاصي)، ومشروع (سد البالعة).

وقال: لقد استفاد سهل الروج من أهم مشروعٍ للري في المنطقة وهو ما يسمى “مشروع حوض العاصي للري”، حيث أضحى من أهم الموارد الزراعية في القطر نتيجة المحاصيل التي يقدمها، وتطورت الزراعة فيه، وتنوعت المزروعات بشكل كبير حتى بات ينتج أجودها على مستوى عالمي.
ويضيف عبد العزيز لقد كان لحوض العاصي دور كبير في تطور الزراعة في سهل الروج، بعد أن كان يقتصر إنتاجه على محصولي (القمح والحمّص) وبعض الزراعات الصيفية مثل( البطيخ والقرع).
وأشار إلى أنه في عام (2005) من خلال مشروع “حوض العاصي” تم جر المياه عبر قنوات من مياه عين الزرقاء إلى سد البالعة، ثم إلى السهل لتروي (85%) منه، وبذلك فتح الآفاق للزراعات الاستراتيجية، حيث تبلغ نسبة زراعة القمح( 55-60%)، والقطن( 25% )، والشمندر السكري (5%)، وتتوزع بعض الزراعات مثل الزراعات الصيفية والشتوية والبقوليات على ما يقارب( 15% ) من مساحة السهل، كما أدخلت بعض الزراعات مثل زراعة التبغ من صنف (فرجينيا).

” الروج ” يضم مشاريع مائية وزراعية وغذائية تعزز مكانة الاقتصاد الوطني

مشروع سد البالعة

وماذا عن سد البالعة؟ يقول عبد العزيز ، لقد أقيم في سهل الروج سد لتخزين الماء لري المحاصيل بالقرب من قرية البالعة الذي حمل اسمها، حيث أُنشئ في أواخر التسعينيات من القرن الماضي, ويعد سد البالعة من السدود التخزينية التي تبلغ طاقته التخزينية (14) مليون متر مكعب، وتتم تغذية السد من خلال نفق عين الزرقاء, ويروي كامل مساحة السهل البالغة (10,5) ألف هكتار, ويضم السهل شبكة ري حديثة مطمورة وفق نظام الضاغط المائي تتم تغذيتها عبر قناة ري رئيسية بطول (15) كيلو متراً، حيث يتم ضخ الماء من القناة الرئيسية عبر محطات ضخ متخصصة للخزانات لتوزيع المياه ضمن الشبكة كما يروي السد (3) آلاف هكتار من خلال شبكة ري قديمة مكشوفة في القسم الجنوبي من السهل.

مشاريع حيوية

فيما يرى المهندس الزراعي محمود حلاق أن فائدة المشاريع المائية التي أقيمت في سهل الروج انعكست إيجاباً على المزارعين بشكل كبير بعد توزيع كمية المياه التي توفرت حسب المحصول، فمحصول القطن يستهلك ( 1200-1400) متر مربع للدونم الواحد خلال الموسم، أما القمح فهو يستهلك ( 70-80) متر مربع للدونم في رية تكميلية للمحصول، كما تساهم قنوات الري _الموزعة على طول وعرض السهل في نمو بعض الزراعات المهمة متعددة الاستخدام مثل حبة البركة والذرة وبعض الخضار (البندورة والخيار والكوسا والبامياء)، ويتم من خلال الوحدات الإرشادية ومديرية الزراعة مساعدة المزارعين على اختيار نوع المحصول من خلال تحليل التربة ودعمهم بالأسمدة وتحديد كمياتها للخروج بإنتاج زراعي وفير يدعم المحاصيل الزراعية.
وأضاف يعمل المزارع على إنتاج موسمين هما الصيفي والشتوي ورفع جودة الإنتاج، وفي الأعوام الأخيرة دخلت زراعة الأشجار المثمرة كزراعة الزيتون بعد أن كانت جميع الأراضي الزراعية من نوع سليخ، حيث تزداد المساحات المغروسة في الجزء الجنوبي الشرقي من السهل التابع لناحية محمبل ولتكون زراعة الزيتون إحدى الزراعات المهمة في سهل الروج.

وبعد

سيبقى سهل الروج ‏مشروعاً نوعياً يعيد تدفق الحياة إلى الأرض، ويمنح المجتمعات الزراعية في محافظة إدلب فرصة حقيقية لتعزيز إنتاجها، في خطوة تعكس التزاماً فاعلاً بتحقيق الأمن الغذائي على أسس مستدامة وفعالة.

Leave a Comment
آخر الأخبار