الحرية- باسمة اسماعيل:
بين ذاكرة مدينة قاومت ومجتمع يسعى للنهوض مجدداً، تواصل مؤسسة تنسيق اللاذقية للنهضة والتنمية مسارها بعد عام على التحرير، وفي تصريح خاص لصحيفة “الحرية”، تضع المدير التنفيذي للمؤسسة، الدكتورة ضحى فتاحي، ملامح المرحلة الجديدة، مؤكدة ثبات الرسالة وتجدد الوسائل.
تقول: منذ البدايات الأولى للحراك الشعبي، كانت الكلمات التي تستعاد اليوم خير ملخص لمسار طويل، من الثورة إلى النهضة… الرسالة واحدة، والوسائل تتجدد.
قلوب جمعها حبّ الحق، وتوافقت على رفض الظلم والقهر.. هي ليست مؤسسة فحسب، بل نبض مدينة قاومت، وذاكرة بحر لم يهدأ حتى لفظ الخَبَث.
بهذه الروح، توضح الدكتوره ضحى فتاحي المدير التنفيذي لمؤسسة تنسيق اللاذقية للنهضة والتنمية، أن المؤسسة في الذكرى الأولى للتحرير ما زالت تحسن الإصغاء إلى الناس، وتمضي في خدمتهم بخطا واثقة، لأنها لم تنسَ من أين بدأت، ولا مَن لأجلهم وجدت.
وتشير فتاحي إلى أن المناسبة ستشهد افتتاح مدرسة كنسبا الابتدائية، إلى جانب فعالية خاصة بعائلات الشهداء يجري الاتفاق على تفاصيلها.
من صوت الثورة إلى مسار التنمية
تستعيد فتاحي بدايات عام 2011، حيث كانت تنسيقية اللاذقية امتداداً لصوت الثورة وضميرها الحي، تحمل هم المظلومين، وتسعى لإسقاط منظومة القمع والاستبداد، من خلال الحضور الفعال في الميدان ودعم الحراك الثوري وإعلاء صوت الحق والحرية والكرامة والعدالة.
وتتابع: اليوم، ورغم تغير أشكال العمل، فإن رسالة التنسيقية لم تتبدل، بل انتقلت من الظل إلى العلن، وتطورت لتأخذ بعداً تنموياً يستكمل الطريق نحو الكرامة عبر دعم المجتمع وتمكين الأجيال.
فما بدأته التنسيقية في ساحات الاحتجاج، تقول فتاحي، تعمل على تحقيقه في ساحات البناء والإعمار.

بعد الترخيص الرسمي توسع في المبادرات
بعد التحرير وترخيص المؤسسة رسمياً، انطلقت حملات دعم واسعة شملت أسر الشهداء والمعتقلين والمفقودين.
وتشرح فتاحي أن من أبرز المشاريع:
مشروع “زهر الليمون” الذي قدم ملابس لـ 250 طفلاً من أبناء الشهداء.
مشروع توزيع الزكاة وإفطار صائم.
برامج قيمية وترفيهية مثل “مخيم صيف الكرامة والوفاء” و”فرحتكم حرية”.
كما شاركت المؤسسة في مشروع الإحصاء السكاني، وعدة حملات نظافة، إضافة إلى جهود إطفاء الحرائق في جبال اللاذقية عبر تأمين صهاريج المياه ومستلزمات الإطفاء وتعويض الأسر المتضررة، ودعم أسر شهداء تلك الحرائق.
وفي مجال الصحة، نفذت المؤسسة حملتي تبرع بالدم استطاعتا جذب أكثر من 600 متبرع.
التعليم محور البناء
وتؤكد فتاحي أن التعليم يشكل حجر الأساس في عمل المؤسسة. ومن أبرز مبادراتها:
حملة “مدرسة تليق بطلابها” لترميم وصيانة مرافق 8 مدارس في اللاذقية، استفاد منها أكثر من 10 آلاف طالب.
حملات تنظيف وتوعية تحت شعار “مدارسنا لنا”.
استمرار مشروع كفالة طلاب العلم لأبناء الشهداء.
ترميم مدرسة كنسبا الابتدائية وجامع الإحسان في ريف اللاذقية لدعم عودة الأهالي.
تنظيم دورات تدريبية وورشات عمل لرفع كفاءات الشباب.
وتلفت فتاحي إلى أن تنفيذ هذه المبادرات يجري بالتنسيق مع الجهات الرسمية مثل مديريات الشؤون الاجتماعية والتربية والصحة.
الإعلام والتوثيق
تشير فتاحي إلى أن المكتب الإعلامي للمؤسسة يعمل على عكس نبض المجتمع وتدوين كل جهد، وإبراز أثر المبادرات والمشاريع في حياة الناس، ونشر التوعية ليكون الإعلام جزءاً أصيلاً من التغيير لا مجرد مرآة له.
أما في ملف التوثيق، فتؤكد: لأن التنسيقية أخذت على عاتقها توثيق الشهداء والمغيبين منذ 2011، فقد أتمت مهمتها بعد التحرير بنشر قصصهم وإبراز تضحياتهم لإحياء قيم الحرية والعدل والكرامة، فالتاريخ الذي كتب بالدم هو الذي ينبغي أن يوثق.
وتختم فتاحي بأن المؤسسة تأمل أن تبقى صوتاً للحق وعيناً راصدة ويداً مواسية، تمسك بجذور البدايات وتحولها إلى مشاريع حياة: في المدرسة والمستشفى، في الشارع والبيت، في ترميم الحجر والبشر معاً.
مشاريع حياة
بين ماض شكل الوعي الجمعي، وحاضر يصنع مرتكزات النهوض، تثبت تنسيقية اللاذقية أن العمل المجتمعي قادر على تجديد رسالته، عبر مبادرات ملموسة تشق طريقها نحو مستقبل أكثر كرامة.
ونحن على أعتاب الذكرى الأولى للتحرير، تبدو المؤسسة ماضية بخطوات ثابتة نحو تحويل الذاكرة إلى فعل مستدام، والوفاء إلى مشاريع حياة.