الحرية – سامي عيسى:
شهدت الصناعة الوطنية السورية، منذ انطلاق مرحلة التحرير، تحولاً نوعياً من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي والنمو، حيث تمكنت المنشآت الصناعية من استعادة جزء كبير من طاقتها الإنتاجية، رغم التحديات الهائلة التي فرضتها العقوبات الاقتصادية والحصار.
يؤكد أهل القطاع أن الإنجازات المتحققة، من إعادة تأهيل المدن الصناعية إلى زيادة حجم الصادرات، تعكس الإرادة الوطنية القوية للنهوض بالقطاع الصناعي كقاطرة رئيسية للاقتصاد.

المدن الصناعية وتأهيل بناها التحتية
ثمة اهتمام واسع من قبل الحكومة بعد عملية التحرير بواقع المدن الصناعية مثل الشيخ نجار وعدرا، باعتبارها نقطة تحول حاسمة في مسيرة التعافي الصناعي، وقد تركزت الجهود الحكومية والخاصة على:
- إعادة تأهيل البنى التحتية: العمل المكثف على إصلاح شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والطرق التي تعرضت للتدمير، ما مكن الآلاف من المنشآت من العودة إلى العمل تدريجياً.
- تسهيلات للمستثمرين: تقديم حزمة من التسهيلات للمستثمرين الصناعيين لإعادة بناء وتجهيز منشآتهم المتضررة، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بالترخيص والتشغيل.
- توطين الصناعات: التركيز على توطين الصناعات التي كانت تعتمد على الاستيراد، خاصة في قطاعات الأدوية والمواد الغذائية والنسيج، لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الضغط على القطع الأجنبي.
تحدي العقوبات وزيادة حجم الصادرات
رغم استمرار العقوبات الاقتصادية، بعد التحرير حتى فترة قريبة من الزمن وخاصة قانون “قيصر”، أظهرت الصناعة السورية قدرة فائقة على التكيف والبحث عن أسواق جديدة:
تنويع الأسواق: نجحت المنتجات السورية في اختراق أسواق جديدة في الدول الصديقة والشقيقة، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في حجم الصادرات، خاصة في قطاعات الصناعات الغذائية والنسيجية والكيماوية.
إضافة إلى الاعتماد على الموارد المحلية، حيث تم تطوير آليات للإنتاج تعتمد بشكل أكبر على المواد الأولية المحلية، ما قلل من تأثير تقلبات سلاسل الإمداد العالمية وصعوبات الاستيراد، إلى جانب دعم الصادرات؛ عملت الحكومة على تقديم حوافز لدعم الصادرات، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وتوفير التمويل اللازم لعمليات الشحن والنقل.
الاستثمار في الكفاءات وربط التعليم بالإنتاج
أدرك القطاع الصناعي أهمية الموارد البشرية في مرحلة التعافي، حيث تم التركيز اليوم على قضايا مهمة تتعلق بالشأن الصناعي وتطوير إنتاجيته في مقدمتها التدريب والتأهيل: إطلاق برامج تدريب مهني وتقني مكثفة لرفد المصانع بالعمالة الماهرة، خاصة بعد هجرة جزء من الكفاءات خلال سنوات الأزمة، وربط التعليم بالصناعة من خلال تعزيز الشراكة بين غرف الصناعة والمعاهد التقنية والجامعات، لضمان أن تكون مخرجات التعليم متوافقة مع احتياجات سوق العمل الصناعي.
وتبقى الصناعة الوطنية، بفضل هذه الجهود، هي القاطرة التي تقود الاقتصاد السوري نحو التعافي الشامل، مؤكدة قدرتها على تجاوز أصعب الظروف وتحقيق التنمية المستدامة.