الحرية – حسيبة صالح:
في أمسية فكرية غنية بالحوار والتفاعل، استضاف الصالون الثقافي “تاء مبسوطة” الباحث والخبير القانوني الدكتور إبراهيم دراجي في ندوة بعنوان “المشاركة السياسية للمرأة السورية: قراءة في الماضي والحاضر والمستقبل”، بإدارة الإعلامية ديانا جبور، وبحضور نخبة من الناشطات والمهتمين بالشأن العام.
بين النصوص الدستورية والواقع السياسي
الإرادة السياسية لتمكين المرأة كانت محوراً أساسياً، حيث ناقش الدكتور دراجي مدى جدية الدولة في تفعيل حقوق المرأة السياسية، مشيراً إلى الإعلان الدستوري لعام 2025، وخاصة المادتين 12 و21، اللتين تطرقتا إلى مكانة المرأة الاجتماعية وضرورة تمكينها، مع التأكيد على أن النصوص وحدها لا تكفي دون إرادة تنفيذية واضحة.
النظام الانتخابي والتمثيل النسائي
ناقش الحضور النظام الأكثري مقابل النظام النسبي، حيث رأى الدكتور دراجي أن النظام الأكثري قد يكون أكثر فاعلية في المرحلة الحالية لضمان تمثيل نسائي، وقد تم طرح فكرة الكوتا التشريعية كحل مؤقت لضمان مشاركة المرأة، مع الإشارة إلى تجربة تونس في المناصفة الانتخابية، رغم التحايل الحزبي الذي حصل هناك.
المرأة في مرحلة إعادة الإعمار
كما شدد الدكتور دراجي على أن البرلمان القادم سيكون الأهم، لأنه سيعيد صياغة القوانين السورية، ما يستدعي مشاركة نسائية فاعلة.
لافتاً إلى أن الانتخابات تمثل مسؤولية كبيرة، ويجب أن تكون المرأة جزءاً من عملية التحرير السياسي والاجتماعي.
تجارب ملهمة ورؤية مستقبلية
واستعرض دراجي تجربة رواندا كنموذج ناجح في تمكين المرأة بعد الحرب، وأكد على أهمية بناء منظومة متكاملة تضمن للمرأة الأمان في الأسرة والعمل، وتوفير تشريعات داعمة ورعاية اجتماعية، مشدداً على ضرورة تكتل الكيانات النسوية وتوحيد الأولويات، والعمل على استراتيجية واضحة رغم التحديات والمخاطر.
ثم اختتم الدكتور دراجي الندوة بإشارة طريفة إلى رواية عبد السلام العجيلي، التي تروي قصة امرأة أبقت الرئيس ناظم قدسي على الهاتف ينتظر، كدلالة رمزية على قوة الحضور النسائي حتى في المواقف غير المتوقعة.
كانت الندوة مناسبة لإعادة التفكير في موقع المرأة السورية في الحياة السياسية، وفتح باب النقاش حول سبل تمكينها ، وأظهر التفاعل الكبير من الجمهور أن القضية ليست هامشية، بل جوهرية في بناء سوريا الجديدة.