نماذج نسائية متنوعة حضرت في دراما هذا العام فهل نجحت في ملامسة القضايا التي تخص المرأة؟

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية- ميسون شباني:

حضور نسائي طاغٍ كان حاضراً في الدراما السورية، نُسج بخفة وقوة أداء الفنانات السوريات ليزيد من ألق الدراما ويعزز من حضورها في الكشف عن مساحات وقضايا جديدة دخلتها المرأة السورية لتسلط الضوء على قضايا بعضها طرح للمرة الأولى ، وبعضها الآخر أعيد تقديمه بقالب جديد ويبقى التساؤل: هل استطاعت دراما هذا العام ملامسة القضايا الجوهرية النسائية في المجتمع؟

* غلبة الطابع الاجتماعي
يؤكد الناقد الصحفي منصور الديب الذي آثر الحديث عن شكل الدراما عموماً بأن طغيان الطابع الاجتماعي لا يمكن التعامل معه إلّا بنص اجتماعي يحمل رؤية اجتماعية معاصرة، والمعاصرة لا تعني حالة “المودرن” التي نتمثلها في لباسنا وحديثنا وأننا أولاد هذا الزمن، بل المعاصرة هي محاولة السعي للإمساك بعصر اللحظة الاجتماعية ومحاولة تشخيص عيوبنا وأوجاعنا، فمهمة الدراما تشخيص الداء والإشارة إليه وتوصيفه، لكن السؤال الذي يحضر هنا: هل استطاعت دراما عام 2025 أن تكون مرآة للناس يرون أنفسهم من خلالها وتكون خطوة في مشروع ثقافي تنويري تمثل الدراما جزءاً مهماً فيه، رغم ضيق هامش الحرية الذي تتعامل في إطاره بحكم دخولها لكل المنازل وتنوع الشرائح التي تشاهد هذه الأعمال؟

ويضيف منصور بأنه لكي نكون منصفين من خلال ما عُرض هذا العام نرى محاولة جادة من قبل كتّابها لتلمس الطريق بما تتضمنه هذه الأعمال من إنسانية وواقعية في تناولها، وهذا أمر يدعو للتفاؤل أن هناك شيئاً واعداً يؤسس لمستقبل جيد، فالدور الأول للدراما هو وضع المرآة أمام المجتمع، وقد عكست دراما هذا العام هذا الدور بشكل كبير حيث ابتعدت عن التطرق إلى الماضي سواء القريب أو البعيد، وهذا يعني أن المرآة وضعت في مكانها الصحيح.

*نماذج متباينة
ويقدم منصور مثالين عن حضور المرأة بين مسلسل “البطل ” و”تحت سابع أرض” الذين طرحا نماذج نسائية متباينة بشكل صارخ ولكنهن جميعاً تقدمن صورة عن مجتمع آيل للسقوط فمثلاً حازت النساء على قدر كبير من الحضور في مسلسل “البطل”، حتى إن عدد المشاهد الذي لا تتواجد فيه النساء في المسلسل قليلة جداً ، ويمكن فهم ما يجري بالمسلسل من خلال انعكاس أفعال المجتمع على النساء اللاتي لديهن رغبة بتأكيد الذات والإخفاق في مواجهة المجتمع ، وجميع النساء فيه حاولن بجهد كبير تكوين أسرة ناجحة لكنهن حصدن الخيبة بالرغم من كل التضحيات التي قدمنها جميعاً ، تارةً بسبب الحرب وتارةً من ظلم المجتمع الذي لا يرى في المرأة إلّا هدفاً سهلاً يحمل عليه كل إخفاقاته .

على عكس مجتمع القرية يقدم مسلسل “تحت سابع أرض” مجموعة من النساء اللاتي يعشن في المدينة المتورطات في الجريمة و الفساد حتى العظم ، فبلقيس ” كاريس بشار” جزء من ذلك المجتمع منذ صغرها والتي تحصل على المال من عملها في تزوير العملة ، وأقامت علاقة لم تخلُ من الخطر مع أركان الفساد في المجتمع.. صحيح أنها ربحت ذلك المال الذي حقق لها حلم شراء محل كبير في أفخم منطقة لكنها خسرت الحب ، أما رنا ” رهام قصار ” فكان حلمها العمل بعيداً عن الوظيفة فكان لا بدّ لها من العمل بالممنوع وعندما ربحت المال خسرت زوجها الذي تحبه منذ طفولتها ، ولعلّ أكثر من خسر من النساء في تلك المغامرة هي راما “سارة بركة ” صحيح أنها ربحت المال وزوج تحلم به كل فتاة ، لكنها خسرت حياتها كلها ، إنها بالتأكيد نتائج منطقية لمن يلعب مع كبار اللصوص وأباطرة الفساد . إنهن ضحايا المجتمع بقيمه المستجدة الذي يعلي من قيمة المال على حساب كل شيء وهن ضحايا الطموح ، والبحث عن المال السهل .

*بصمة ابداعية
من جهتها أشارت الصحفية سلوى عباس إلى أن الفنانات السوريات شكلن مثالاً يحتذى لحضور المرأة في الدراما لهذا العام، وقد أثبتن امتلاكهن لأدواتهن وتجديدهن فيها بما يتناسب وتفاصيل كل شخصية يجسدنها، وما يجعلهن سيدات الدراما السورية والعربية.

فقد كان لهن حضورهن الفاعل في أكثر من عمل، ففي “البطل” مثلاً حضرت شخصيات نسائية كانت لهن بصمتهن الإبداعية في العمل كالفنانتين جيانا عيد وهيما إسماعيل ومن الجيل الجديد حضرت وبقوة الفنانات نور علي ورسل حسين ونانسي خوري وغيرهن، وهؤلاء يمثلن امتداداً لقامات فنية حققن حضورهن عبر تاريخ الدراما السورية.

أما من حيث حضور المرأة في الدراما كمحرك للأحداث نرى الفنانة أمل عرفة تتميز وتبدع بدور “ثريا” في مسلسل “السبع” تلك الشخصية القوية التي تعتمد الدهاء والمكر في تعاملها مع الناس، وكان هناك إجماع من المشاهدين على تميزها في هذه الشخصية، كما نراها في مسلسل “يا أنا يا هي” حيث تتمتع أمل عرفة بشخصية رائعة تعبّر عن امتلاكها أدواتها الفنية حيث تنتفي الحدود الفاصلة بين شخصيتها الحقيقية والشخصية التي تجسدها في أي عمل درامي.

وحققت الفنانة شكران مرتجى علامة فارقة وبصمة إبداعية في الدراما السورية، وقد عادت في هذا الموسم بأكثر من عمل درامي، لكن دورها في مسلسل “قطع وريد” يتقارب من حيث قوته مع دورها في مسلسل “وردة وشامية”، ولا يقل أهمية عنه، مما يؤكد على تميزها ومقدرتها على تمثل أي دور يسند لها واشتغالها عليه ليليق بمسيرتها الدرامية.

أما الفنانة كاريس بشار فهي تنصهر بالشخصية وتتقمص تفاصيلها حتى تكاد لا تنفصل عنها، وكأنها كتبت لها تحديداً وهذا ماشاهدناه في مسلسل “تحت سابع أرض” ففي كل شخصية تجسدها تحاول أن تطوّع الورق بما يتناسب مع رؤيتها للدور، فتبتكر أدوات جديدة تتناسب مع كل شخصية وحيثياتها، لتجعلها أكثر حياةً من الواقع، وأشد صدقاً من الحقيقة.

Leave a Comment
آخر الأخبار