هل تفتح «الأرحام الصناعية» باباً للأمل.. أم تُغلق أبواب الإنسانية؟

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية:

في عالم يزداد فيه التقدم التكنولوجي تسارعاً، يطل علينا ابتكار يثير جدلاً واسعاً، ويضعنا أمام تساؤلات أخلاقية وجودية، فمن قلب الصين، أعلنت شركة «كايووا تكنولوجي» عن تطوير أول روبوت في العالم مزود بـ«رحم صناعي»، قادر على حمل الأجنة والولادة نيابة عن النساء، فهل يمثل هذا الاختراع ثورة في عالم الطب الإنجابي، أم إنه بداية لمخاطر قد تغير وجه الإنسانية؟
وخلال مؤتمر الروبوتات العالمي 2025 في بكين، كشفت الشركة الصينية عن هذا الابتكار المثير للدهشة، ووفقاً لمؤسس الشركة، تشانغ تشي فنغ، يحاكي الروبوت العملية الكاملة للحمل والولادة، بدءاً من التخصيب، وصولاً إلى الولادة، فالجنين ينمو داخل بيئة سائل أمينوسي صناعي، ويتغذى عبر أنبوب يحاكي الحبل السري، في محاكاة للرحم البشري.
هذا الإعلان أثار عاصفة من الجدل في الأوساط العلمية والأخلاقية، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، إذ يرى البعض أن هذا الابتكار يمثل بارقة أمل في عالم الطب كلالإنجابي، ويوفر حلولاً للأزواج الذين يواجهون صعوبات في الإنجاب، أو للنساء اللواتي يرغبن في تجنب الأعباء الجسدية للحمل.
ومن المتوقع أن يطرح النموذج الأولي من هذا الروبوت في الأسواق بحلول عام 2026، بسعر يقل عن 100 ألف يوان «حوالي 13,900 دولار»، وهو سعر يفتح الباب أمام فئات واسعة من المستهلكين.
كما عرضت الشركة الصينية روبوتاً آخر للتزاوج مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، ما يعكس توجه الصين نحو دمج الذكاء الاصطناعي بالتكنولوجيا الحيوية في مجالات متعددة.
وأكثر ما يثير الجدل هو الجانب الأخلاقي لهذا الابتكار، فهل يحق لنا التدخل في عملية الحمل والولادة بهذه الطريقة؟ وما هي الآثار النفسية والاجتماعية على الأطفال الذين يولدون في أرحام صناعية؟ حيث يرى خبراء وأطباء أن هذا الابتكار يطرح تساؤلات وجودية حول معنى الأمومة والأبوة، وحول العلاقة بين الإنسان والجسد، هل يمكن للآلة أن تحل محل العلاقة العاطفية التي تربط الأم بطفلها؟
كما أن هناك مسائل قانونية معقدة تضاف إلى هذه المخاوف، من سيكون مسؤولاً عن الطفل في حالة حدوث مضاعفات؟ ما هي حقوق الطفل الذي يولد في رحم صناعي؟
وإلى جانب هذه التحديات، يخشى البعض من أن يؤدي هذا الابتكار إلى تغييرات جذرية في المجتمع، الأمومة، والأسرة، والمجتمع ككل.
يذكر أن فكرة الأرحام الصناعية ليست جديدة، ففي عام 2017، نجح باحثون في رعاية جنين خروف في «حقيبة حيوية»، لكن الخبراء يرون أن الانتقال من دعم الأجنة في مراحل متأخرة إلى الحمل الكامل لا يزال تحدياً علمياً كبيراً.
في الوقت الذي يدخل فيه هذا الابتكار الجديد حيز التنفيذ، تبقى التساؤلات قائمة، هل ستنجح الصين في تغيير وجه الإنجاب؟ أم إننا نشهد بداية فصل جديد من التعقيدات الأخلاقية والقانونية؟ وهل سيحقق هذا الابتكار حلماً قديماً، أم سيفتح أبواباً لمخاطر جديدة؟ المستقبل وحده هو الكفيل بالإجابة على هذه الأسئلة.

Leave a Comment
آخر الأخبار