الحرية – عمار الصبح:
أثار انخفاض أسعار البطاطا في الأسواق وتدنيها إلى ما دون مستوى التكلفة نوعاً من الخشية لدى مزارعي المحصول في محافظة درعا من أن يؤدي استمرار هذا الانخفاض إلى عزوف كثير من المزارعين عن زراعة كامل المساحات المخصصة لمحصول العروة الربيعية، والتي تعد رئيسية من حيث المساحات المزروعة وكميات الإنتاج المتوقعة.
وعلى الرغم من أن موعد زراعة العروة الربيعية بدأ وحسب الرزنامة الزراعية منذ أواخر شهر كانون الثاني الماضي، لا تزال المساحات المزروعة بالمحصول خجولة جداً ومتواضعة قياساً للمواسم السابقة. ووفقاً للأرقام الرسمية، فقد تمت زراعة سبعة هكتارات فقط (حتى نهاية الأسبوع الماضي) من مجمل المساحة الإجمالية المخططة والبالغة 1150 هكتاراً لهذا الموسم، مقابل أكثر من 1200 هكتار جرت زراعتها في الموسم الماضي.
وتشير الأرقام المنفذة حتى الآن إلى أن ثمة حالة من الغموض تكتنف ملف محصول البطاطا، الذي يعد المحصول الثاني في المحافظة بعد البندورة، والذي يصل إنتاجه إلى 100 ألف طن سنوياً، تذهب أغلبيته للاستهلاك المباشر، فيما يخصص الباقي لأغراض التصنيع والتصدير.
وتوقع مزارعون أن تتقلص المساحات المزروعة هذا الموسم لأسباب عديدة، أبرزها الخسائر التي تعرض لها مزارعو العروة الخريفية نتيجة انخفاض الأسعار إلى مستويات متدنية (أقل من 1500 ليرة للكيلو)، وإغراق الأسواق بالمحصول، لافتين إلى أن بعض المزارعين لجؤوا إلى تأخير موعد قطاف المحصول، فيما لجأ آخرون إلى تخزين كميات من المادة لإعادة طرحها في الأسواق مع حلول شهر رمضان المبارك على أمل أن تتحسن أسعارها بشكل أكبر.
وأشار المزارع عبدو النوفل من منطقة الصنمين إلى أنه ينوي تقليص المساحات التي يريد زراعتها بمحصول البطاطا هذا الموسم إلى النصف، معرباً عن خشيته من أن يستمر انخفاض الأسعار على هذا الشكل بعد بدء إنتاج العروة الربيعية مع بداية شهر حزيران المقبل.
وأضاف المزارع: إن المشكلة الأولى التي تواجه مزارعي البطاطا الربيعية هي أسعار البذار التي لا تزال مرتفعة حسب وصفه، إذ يبلغ سعر الطن الواحد من البذار 1400 دولار وسطياً وهو يكفي لزراعة من خمسة إلى ستة دونمات فقط، هذا فضلاً عن أسعار الأسمدة، إذ يحتاج كل دونم إلى 100 كيلو من سماد السوبر فوسفات و50 كيلو سماد يوريا ومترين من الأسمدة العضوية، مقدراً تكلفة إنتاج الكيلو الواحد إلى ما يقارب خمسة آلاف ليرة كحد أدنى.
بدوره، أبدى المزارع عبد الله المحمود نيته استخدام بذار غير هجينة “مبلدة”، وهي عبارة عن حبات بطاطا من إنتاج الموسم السابق، يتم تخزينها في وحدات التبريد إلى أن يتم موعد زراعتها، وذلك كنوع من التوفير في أسعار البذار المستورد، لافتاً إلى أنه سيتجه أيضاً إلى تخفيض الكميات اللازمة من الأسمدة العضوية والكيميائية للموازنة بين التكاليف وأسعار مبيع المنتج في السوق.
وأعرب متخصصون في الشأن الزراعي عن الخشية من أن يؤدي عزوف المزارعين عن زراعة كامل المساحات المخصصة للبطاطا في العروة الربيعية إلى تراجع الإنتاج في الموسم القادم، وهو ما من شأنه أن يضاعف من أسعار المادة في السوق إلى مستويات قياسية كما حدث في الموسم الماضي، إذ تجاوز سعر الكيلو عتبة 15 ألف ليرة.
من جانبه، حذر المهندس الزراعي أحمد الكنعان من استخدام البذار “المبلّدة” التي تخفض من إنتاجية الدونم الواحد إلى ما يقارب النصف، أو تلك التي تدخل عن طريق التهريب، حيث لا تخلو هذه البذار من الإصابات التي تظهر، وخصوصاً في مرحلة تكوين الدرنات.
وطالب الكنعان بمساعدة المزارعين على تجاوز الآثار التي خلفتها زيادة الإنتاج في العروة الخريفية، لتشجيعهم على استكمال خطة زراعة المحصول في عروته الرئيسية، وذلك من خلال تخفيض أسعار البذار والأسمدة والمحروقات ما أمكن، وإطلاق قروض تشغيلية ميسرة لهم ومن دون فوائد وفتح أبواب التصدير، وهذه إجراءات تظل حسب قوله، أوفر من الاضطرار إلى الاستيراد في حال عدم كفاية الإنتاج المحلي لسد حاجة السوق.
هل سنكون على موعد مع نقص في الإنتاج خلال الصيف؟.. مخاوف من تقلص خطة زراعة البطاطا “الربيعية” هذا الموسم

Leave a Comment
Leave a Comment