الحرية ـ متابعة: يسرى المصري:
بعد توقيع الاتفاقيات بدأت المشاريع تضع بصمتها على طريق التنفيذ حيث تم الإعلان عن جهود قطرية لدعم قطاع الكهرباء في سوريا.. وقاب قوسين أو أدنى ستبدأ قطر بتزود سوريا بمليوني متر مكعب من الغاز الطبيعي.
أما عن الأثر المتوقع لهذه الكميات على واقع الكهرباء في سوريا، فقد أكد القائم بأعمال السفارة القطرية أن إدخال الغاز القطري سيمكن من رفع إنتاج الطاقة الكهربائية بنحو 400 ميغاواط، ما سينعكس بشكل مباشر على زيادة ساعات التغذية وتحسين استقرار التيار الكهربائي المقدم للمواطنين.
وتأتي المشاريع وسط تطلع رسمي إلى إنعاش التوليد وتحقيق استقرار نسبي في التغذية الكهربائية.
ويمضي قطاع الكهرباء السوري في محاولة لتعويض ما خسره خلال سنوات الحرب، عبر بوابة تعاون إقليمي وتمويل دولي يتقدمه الدعم القطري المباشر.
وكان وزير الطاقة، محمد البشير أكد وجود مساعٍ لتسريع عملية توريد الغاز من دولة قطر، بما يسهم في تحسين واقع الكهرباء في سوريا.
وأفادت وزارة الطاقة السورية، في بيان، بأن البشير عقد اجتماعاً عبر تقنية الاتصال المرئي مع وزير الطاقة الأردني، صالح الخرابشة، والمدير العام لصندوق قطر للتنمية، فهد السليطي، لبحث سبل تعزيز التعاون.
وأوضحت الوزارة أن الاجتماع تناول آليات نقل الغاز من قطر عبر الأردن إلى سوريا، ودور صندوق قطر للتنمية في دعم المشاريع، وفرص الاستثمار وتبادل الخبرات.
عبر بوابة تعاون إقليمي وتمويل دولي .. تطلع حكومي لإنعاش التوليد وتحقيق استقرار نسبي في التغذية الكهربائية
وفي تعليقه على الاجتماع، قال البشير في تغريدة على منصة “إكس”: “أجريت اجتماعاً عن بُعد مع الأشقاء في كل من قطر والأردن، وتم الاتفاق على مجموعة من الخطوات التي من شأنها تسريع عملية توريد الغاز لتحسين توليد الكهرباء، وبالتالي عدد ساعات التشغيل في عموم المحافظات السورية”.
قطر تطلق مبادرة لدعم الكهرباء في سوريا
قطر أعلنت في شهر آذار الماضي إطلاق مبادرة إنسانية لدعم قطاع الكهرباء في سوريا، من خلال تزويد البلاد بإمدادات من الغاز الطبيعي عبر الأراضي الأردنية، تنفيذاً لتوجيهات أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وأوضح مستشار رئيس مجلس الوزراء والمتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن هذه المبادرة جاءت استجابة لحاجة السوريين، والتي بحثها أمير قطر خلال زيارته إلى دمشق في كانون الثاني الماضي.
وبيّن الأنصاري، في مقابلة إعلامية، أن التركيز ينصب على البنية التحتية الاستراتيجية، ولا سيما قطاع الكهرباء، بوصفه عاملاً محورياً في تسهيل عودة النازحين وتحسين الخدمات العامة في المرافق الحيوية.
ولفت إلى أن تعزيز استقرار الشبكة الكهربائية يمكن أن يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد، عبر توفير بيئة مواتية لعودة المصانع والمؤسسات الاقتصادية إلى العمل، وبالتالي خلق فرص عمل واسعة.
وأشار الأنصاري إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تشمل تزويد سوريا بـ400 ميغاواط من الكهرباء يومياً، عبر محطة دير علي، مع خطة لزيادة الكمية تدريجياً، على أن يتم توزيع الكهرباء في عدة محافظات، منها دمشق وريفها، السويداء، درعا، القنيطرة، حمص، حماة، اللاذقية، حلب، دير الزور.
وأوضح أن هدف المبادرة هو تعزيز استدامة الشبكة الكهربائية، بما ينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية،
وبحسب تصريحات رسمية لمدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء السوري، المهندس خالد أبو دي، قدم البنك الدولي منحة مالية بقيمة 146 مليون دولار لإعادة تأهيل البنية التحتية الكهربائية المتضررة، تأتي ضمن خطة شاملة تتضمن تأهيل خطوط النقل بقدرة 400 كيلو فولت عالية التوتر.
قطر تدعم بالغاز
وكشف أبو دي عن منحة قطرية تهدف إلى تزويد سوريا بمليوني متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً.
وأكد أن هذه المنحة يجري تنفيذها عبر خط أنابيب الغاز العربي، الذي تُعد سوريا جزءاً منه، ويمتد من مصر إلى الأردن ليصل إلى الأراضي السورية.
وفيما يتعلق بجاهزية البنية التحتية السورية لاستقبال هذه الكميات من الغاز المستورد، أوضح المهندس خالد أن الاختبارات التي أُجريت خلال الشهر الماضي أثبتت أن البنية التحتية السورية جاهزة بالكامل، مشيراً إلى أن كميات تجريبية تم ضخها بالفعل عبر الخط دون تسجيل أي صعوبات فنية، وهو ما يعكس كفاءة الشبكة واستعدادها التشغيلي.
وسيتم توصيل الغاز القطري عبر تسييله في محطة التسييل في ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، ومن ثم يُضخ إلى سوريا عبر خط الغاز العربي.
نحو استقرار اقتصادي
في تصريح لوكالات، قال الدكتور يحيى السيد عمر، الخبير الاقتصادي ومدير مركز تريندز: إن للدعم القطري المتوقع أثراً إيجابياً مباشراً على واقع الكهرباء في سوريا، ومن المرجّح أن يؤدي هذا الدعم إلى زيادة عدد ساعات التغذية لتصل إلى ما بين 8 و 10 ساعات يومياً.
وأكد عمر أن هذا التحسن سينعكس إيجاباً على الانتعاش الاقتصادي، وزيادة الإنتاج والتصدير وتحسّن قيمة الليرة، لافتاً إلى أن النقص الحاد في الكهرباء يُعد من أبرز التحديات التي تواجه عمليات الإنتاج في البلاد.
وتابع موضحاً أنه عند زيادة كمية التوليد ورفع عدد ساعات التغذية، يمكن تقليل التكاليف، وهو ما سينعكس بانخفاض الأسعار، الأمر الذي يدعم المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
ويرى السيد عمر أن خفض التكلفة يساهم في تعزيز قدرة المنتجات السورية على المنافسة وتلبية الطلب المحلي، ما من شأنه تقليص الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز قيمة الليرة السورية.
تحسّن الواقع المجتمعي
وفي تصريح لوكالات أشار محمد ياسين نجار، الوزير السابق في الحكومة السورية المؤقتة، إلى أن الأهمية الحقيقية للجهود القطرية تتجلى في بعدها الإنساني، من خلال خلق بيئة تشجع على عودة اللاجئين.
وأوضح نجار أن الكهرباء تُعد من العناصر الأساسية لتحقيق المستوى الثاني والثالث من “هرم احتياجات العودة”، وهي مقومات العيش الكريم والاستقرار الاقتصادي، مؤكداً أنه بدون توفر الكهرباء لا يمكن تصور توفير التعليم للأطفال أو تأمين مصدر دخل، أو حتى السكن الآمن بالشروط الصحية والمعايير الإنسانية المعتمدة.
كذلك أشار إلى أن تشغيل محطة دير علي بتمويل قطري لم يكن فقط خطوة لتحسين التوليد، بل مثّل مؤشراً عملياً على بداية مسار يُعيد بناء الثقة، ويمهّد لتسهيل العودة الطوعية للاجئين.
من جانبه، يرى عمر أن تحسن واقع الكهرباء سيترك آثارًا اجتماعية ملموسة، ويمكن أن يسهم في تعزيز الاستقرار المجتمعي وتهيئة البيئة لعودة اللاجئين، من خلال تحسين الخدمات العامة.
وتابع عمر قائلاً: إن تحسن الإنتاج الناتج عن زيادة ساعات التغذية قد يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة، وهو ما يدعم، بشكل غير مباشر، جهود إعادة الاستقرار المجتمعي وعودة السكان إلى مناطقهم.
بيد أن عمر يؤكد في الوقت ذاته أن هذه الآثار الإيجابية، ورغم أهميتها، تظل محدودة نسبيًا، لأن أبرز ما يعيق عودة اللاجئين يتمثل في عدم توفر مساكن جاهزة، وهو ما يجعل من البدء بإعادة الإعمار عاملاً أكثر تأثيراً من تحسن الكهرباء وحده.