أزمة الجفاف تهدد المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي…‏ وهذه التدابير اللازمة لمواجهة الكارثة الطبيعية ‏

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحريةـ رحاب الإبراهيم:‏

‏ يعيش الاقتصاد المحلي في هذه المرحلة المفصلية أزمات مركبة صعب ‏تداركها خلال فترة محدودة، وخاصة بعد تضرر القطاع الزراعي الشديد ‏جراء أزمة الجفاف، التي تعد الأخطر منذ عقود طويلة في ظل موسم ‏مطري شحيح، ليلحق ذلك خسائر بأغلب المحاصيل الزراعية جراء نقص ‏المياه وعدم قدرة الفلاحين على تحمل تكاليف السقاية، ما يهدد بشكل ‏مباشر لقمة العيش والأمن الغذائي ويعرض آلاف العائلات للجوع ما لم ‏يتم تدارك الخطر الداهم عبر وضع خطة زراعية تؤمن احتياجات العملية ‏الزراعية وتساعد المزارعين على الاهتمام بأرضهم وزراعة كل شبر ‏منها مع اعتماد طرق الري الحديث لإدارة المياه المتوافرة بأساليب ذكية. ‏

واقع الجفاف في محافظة حماة

يختلف بنسب معينة عن المحافظات السورية الأخرى، لكن باعتبار أنها ‏زراعية بامتياز، تعد من أكثر المدن تضرراً وخاصة بعد انخفاض ‏منسوب المياه في الأنهار والينابيع الجوفية إلى مستويات غير مسبوقة، ‏وهو ما يشكو منه أغلب المزارعين وخاصة فيما يتعلق بالمحاصيل ‏المروية، وسط مطالبات بإيجاد حلول سريعة لهذا الواقع الصعب لدعم ‏القطاع الزراعي وحماية الأمن الغذائي. ‏

خطة زراعية ‏

الباحث الاقتصادي د. فاخر القربي، أكد في تصريح لصحيفتنا “الحرية” ‏هذه الحقيقة بالإشارة إلى أن سورية حالياً وليس حماة فقط تعاني من ‏انهيار شبه كامل بالقطاع الزراعي وخاصة في ظل عدم وجود خطط ‏استباقية لتأمين كل مستلزمات العملية الزراعية، ما يجعلنا بمهب الرياح ‏وعرضة للتوتر الاقتصادي، الذي يجعل المواطن في حالة قلق على ‏مستقبل أمنه الغذائي، وهذا يتطلب خطة زراعية مبنية على أرقام ‏وإحصائيات حقيقية بغية التقديم على كامل الدعم اللوجستي والإرشادي ‏للمزارعين لضمان واقع زراعي يستطيع الصمود في وجه الهجمات ‏الطبيعية البيئية.‏

تدابير ضرورية ‏

‏ ويؤكد د.القربي خطر الجفاف وآثاره على القطاع الزراعي والأمن ‏الغذائي في حال لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة، فاليوم أثر الجفاف ‏لا يقتصر على النباتات والماشية، لكنه يشكل تهديداً كبيراً على حياة ‏البشر، فهو يعد كارثة طبيعية نظراً للأضرار التي يسببها للنظام البيئي ‏بأكمله ويؤدي إلى انعدام الاستقرار الاقتصادي بشكل عام. ‏

ورغم هذا الواقع الصعب يشير د.القربي إلى إمكانية اتخاذ تدابير ‏أساسية تلجأ إليها الدول لمواجهة الجفاف وقلة التساقطات المطرية ‏كتعزيز التدبير الجيد للموارد المائية وتشمل زيادة كفاءة استخدام المياه ‏الزراعية والمنزلية، وتطوير أنظمة لرصد وإدارة مستويات المياه في ‏السدود والخزانات؛ والتحفيز على الاقتصاد المائي، بما في ذلك تشجيع ‏التكنولوجيا المتوافقة مع المياه والممارسات الزراعية المستدامة التي ‏تقلل من استهلاك المياه، وتنمية المصادر المائية البديلة كتحلية مياه ‏البحر، واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة أو في ‏الصناعة. ‏

وشدد الخبير الاقتصادي على أهمية تطوير البنية التحتية من أجل تقليل ‏ضياع المياه وتحسين كفاءة نقلها وتوزيعها، مع العمل على التخطيط ‏الحضري أو المدني المستدام، الذي يأخذ في الاعتبار تأثير النمو ‏الحضري على استهلاك المياه وتأثيراته على البيئة المحلية، إضافة إلى ‏تنمية الزراعات المقاومة للجفاف عبر زراعة أصناف مقاومة للجفاف ‏واستخدام تقنيات الري الحديثة والفعّالة مثل الري بالتنقيط، وتطوير ‏السياسات والتشريعات لتعزيز حقوق المياه والتحكم في استخدام المياه ‏وحماية الملك العمومي المائي. ‏

وشدد د.القربي على أهمية التوعية العامة حول ضرورة ترشيد استهلاك ‏المياه والتحفيز على تبني الممارسات الفضلى عند استخدام المياه. ‏

حلول فاعلة ‏

وعاد د.القربي ليؤكد أن الجفاف من أكثر الكوارث الطبيعية المدمرة ‏التي نواجهها في السنوات الأخيرة، لكن من خلال العثور على أفكار ‏وحلول مبتكرة يمكننا الحد من تأثير الجفاف ومنع حدوث تلك الكارثة ‏الطبيعية، ومن هذه الحلول تحلية المياه، التي تحتاج موارد كثيرة، ففي ‏البداية يجب غلي المياه ثم تحويلها إلى بخار ثم تكثيفها، ويتطلب ذلك ‏كمية كبيرة من الوقود الأحفوري لإنتاج تلك الحرارة العالية، لكن ما زال ‏هناك أمل بتطور مجال إنتاج مرشحات الجرافين التي تقوم بتحلية المياه ‏من دون استخدام أي شيء سوى الضغط الهيدروستاتي. ‏

حصاد الأمطار

‏ ومن الحلول أيضاً حسب د.القريي حصاد مياه الأمطار، الذي شهد ‏تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة وهو أمر يجب أن يعتمد عليه الجميع، ‏فمن خلال حصاد الأمطار يمكن للمنازل تخزين مياه الأمطار واستخدامها ‏في أوقات الجفاف، في المناطق الحضرية تمتص التربة 15% فقط من ‏مياه الأمطار وفي المناطق الريفية تمتص التربة نحو 50% من مياه ‏الأمطار، ويوفر حصاد مياه الأمطار خياراً فعالاً لتخزين المياه ثم إعادة ‏استخدامها في أوقت الجفاف.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار