الحرية – نهى علي :
سجّلت مختلف أصناف الإنتاج المحلّي في الأسواق السورية، ارتفاعات كبيرة في الأسعار، لا سيما المنتجات الزراعية الموسمية “خضار وفواكه”، التي تشكل جزءاً أساسياً من مائدة الأسرة السورية.
وباتت الارتفاعات غير التقليدية علامة فارقة، ومشكلة بالنسبة للأسرة السورية في ظل محدودية مصادر الدخل.
فقد لمس الجميع ارتفاعاً في أسعار الخضار والفواكه والمنتجات الزراعية المحلية بشكل غير تقليدي.. وباتت التساؤلات عن الأسباب في ازدياد، خصوصاً وأن المنتجات المماثلة المستوردة من الخارج ذات أسعار أقل هنا في أسواقنا، وهذه مفارقة تولّد علامات استفهام كثيرة، فهل هي تكاليف الشحن من المحافظات كما يدعي كثيرون، وإذا كان ذلك صحيحاً.. لماذا لم تؤثّر تكاليف الشحن والاستيراد – وهي كبيرة – وبقيت أسعار المنتجات المستوردة أقل من نظيراتها المحليّة ؟
حبزة: المنتجات المستوردة تحظى بدعم تصدير كبير في بلدان المنشأ والمنتج السوري غير مدعوم
هل لتراجع الحيازات المزروعة بسبب الظروف الراهنة أثّر على توازن العرض والطلب ؟
تكاليف الإنتاج
يعزو عبد الرزاق حبزة أمين سر جمعية حماية المستهلك، ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية المحلية، إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج من محروقات وأسمدة والخدمة والعمالة، إضافة إلى المبيدات، وبالتالي ارتفاع تلك الكلف يؤدي لارتفاع أسعار الخضار بالنسبة للمستهلك.
فروقات الدعم
لكن من البديهي هنا أن يكون السؤال..ألا يحتاج المنتج المماثل في الدول المجاورة إلى هذه التكاليف من محروقات ومبيدات وغيرها؟
يُرجع حبزة فروقات الأسعار بين المحلّي والمستورد، إلى وجود آليات لدعم المصدرين لدى الدول المجاورة، بالتالي تتسلّح منتجاتها بقدرات كبيرة على منافسة المنتجات الأخرى “في عقر دارها”.
ففي الدول المجاورة هناك دعم كبير للصادرات وللمصدرين.. بينما آلية دعم الإنتاج والصادرات خجولة وتكاد تكون غير موجودة أساساً لدينا في سوريا، أي دائماً أي سلعة تصدر يحصل المصدر على دعم نقدي على كل طن من المواد المصدرة – فتركيا مثلاً تمنح حوالي 30 بالمئة من سعرها، بالتالي تصل إلى الأسواق السورية بسعر مخفض، إضافة إلى أن الرسوم الجمركية أقل من بعض البلدان.
تهريب
لا يبرئ أمين سر جمعية حماية المستهلك التهريب من إحداث فروقات بين المنتج المحلّي والمستورد، ويقول: يجب أن نذكر أن عمليات التهريب التي تجري باتجاه الأسواق السورية كبيرة جداً، أي ثمة دخول غير شرعي للسلع والحدود مشرعة، بالتالي اقتصاد الدول المجاورة ينمو على حساب السوق السورية.
ويضيف: كنا سابقاً نمنع الاستيراد من الأردن، خصوصاً الخضار الموسمية، الباكورية، لكنها اليوم تدخل بشكل سلس وتستحوذ على واجهة السوق السورية..
حبزة: تكاليف المنتج السوري مرتفعة جداً بالتالي أسعاره مرتفعة
بالعموم كل هذا – وفقاً لحبزة – سيترك آثاراً سلبية مستقبلاً على الاقتصاد السوري والإنتاج المحلي الذي هو أساساً مكلف، وليس لدى المنتج السوري قدرة على المنافسة.
فشل
يضرب أمين سر “جمعية المستهلك” مثلاً في مجال المنافسة على سوق العراق بين سوريا وتركيا، ويؤكد “أننا لم ننجح في المنافسة وخرج سوق العراق من حسابات التاجر السوري”.
ولا ينسى حبزة أن يشير إلى قلّة مرونة التاجر السوري وعدم تماشيه مع الواقع الحالي، ويعتبر أنه لا بد أن ينصاع للوقائع الجديدة وآلية السوق الحر.
السوق يعترف
يختصر سوق البيض في سوريا حكاية مختلف المنتجات الزراعية، فكلفة هذا المنتج لدينا عالية لأننا نفتقر إلى تقنيات الإنتاج التي لدى سوانا، كما أن أسعار الأعلاف مرتفعة، وحوامل الطاقة أيضاً ذات تكاليف عالية، ونلاحظ أن تهريب البيض من العراق وتركيا إلى الأسواق السورية منتعشٌ، ومثله الفروج، ومثلهما مختلف أنواع الخضار والفواكه.
ونلاحظ وجود فواكه موسمية غير معروفة سابقاً في الأسواق السورية وبأسعار رخيصة..كان سابقاً ممنوع استيرادها، واليوم باتت مسموحة.
ما يجري ليس بجديد على مستوى مفارقات الأسواق السورية، فالمنتجات المستوردة أسعارها أقل من المنتجات السورية، والمفارقة الأكبر أن بعض المنتجات السورية المصدّرة إلى الأسواق الخارجية “الخليج مثلاً” أقل مما تباع به هنا في سوريا، على الرغم من الأحاديث والشكاوى عن ضعف آليات دعم التصدير للمنتج السوري، فهل لدى الدول الأخرى دعم للاستهلاك مثلاً..؟
هذه هي الحقيقة
بعيداً عن كل الحجج والمبررات التي يسوقها الكثيرون، يرى متابعون أنّ السبب هو الحلقات التجارية، أي التاجر الذي يربح أكثر بكثير مما يربحه المنتج الذي يتعب ويشقى ولا يحصل إلا على النذر اليسير من العائدات، ليستفرد التاجر في مختلف الحلقات التسويقية بالأرباح الدسمة.