الحرية – محمد فرحة:
ما إن تذكر مدينة من المدن السورية إلّا ويُذكر أسماء بعضٍ من أسواقها، وهي تشكل ذاكرة للأجيال ولكل سوق منها بضاعتها ومحتواها وصنّاعها وحرفتها وباعتها، من دون أن يُعرف تاريخٌ لبدء إطلاق هذه التسميات، لكنها عاشت وستعيش مع الأجيال القادمة كالموروث الثقافي الاجتماعي لتبقى رمزاً للعلاقات الاجتماعية والتجارية المتميزة محافظة على عاداتها ومحتواها وتقاليدها ، رغم أن بعضاً منها قد اندثر مع رحيل المعمرين وعدم توارث هذه المهنة أو ذاك .
اليوم سنتوقف مع عشرات الأسواق الشعبية في مدينة حماة منها الرئيسة ومنها الفرعية ولماذا سمي بعضها بهذا الاسم أو ذاك ..
سوق الخميس
أصبحت هذه السوق تقليدياً توارثته الأجيال هنا في مدينة حماة بل في مجال المحافظة ككل، حيث كان يعقد كل صباح خميس ويستمر حتى فترة الظهيرة ويتم فيه طرح منتجات الريف مع المدينة وتباع فيه الألبسة الجاهزة والمستعملة / وهو ما يعرف اليوم بسوق البالة ، زد على ذلك الخضراوات المنتجة من قبل ربات البيوت الريفية المميزة ، حتى الدواجن البلدية وبيضها والحمام وفراخه الصغيرة ، وما زالت هذه السوق مستمرة لكن لم تبقَ لها وهجتها التي كانت في حقبة التسعينيات والثمانينيات..
سوق الجمعة
كان يقام بعد ظهر كل يوم جمعة، وهذه السوق كانت تتنقل من مكانها بين الحين والآخر نتيجة التوسع السكاني وإشغالات الأمكنة وقد كان المركز الرئيس موقع ما يسمى / غرب البياض / تباع فيها مبيعات سوق الخميس نفسها لكن زيادة عليها الأدوات الكهربائية والمفروشات المستعملة ..
سوق الطويل
ويحلو للبعض من خارج حماة أن يسميها السوق المسقوف، وقد كان اسمه قديماً تاريخياً سوق المنصور نسبة إلى بانيها ملك حماة المنصور بن محمد بن الملك المظفر عام ١٢٠٥ ميلادي ، وكان للسوق سقف معقود إلى أنّ تمّ استبداله بسقف معدني من التوتياء في أوائل هذا القرن ولا تزال سوقاً شعبية تعجز المارّة فيها عن الانتقال من شرقها إلى غربها رغم قلّة المسافة وقصرها نظراً للازدحام الشديد فيه، وتحتوي على النسبة الكبيرة من الألبسة والأقمشة والتحف والأزياء الفلكلورية الشعبية ، والعطورات والأحذية ، وما يميزها وجود عدد من الحمامات القديمة والمساجد والخانات..
سوق الغنم
يطلق عليها (بازار الغنم) حيث تعد مدينة حماة كمحافظة سوقاً رئيسة لتجارة الأغنام وبخاصة تلك القادمة إليها من البادية الشرقية ، وهي سوق يومية تباع فيها الأغنام والماعز ، وجلّ قصابي اللحوم يشترون ذبائحهم من هذه السوق .. يضاف إلى ذلك سوق الماشية ويقام يومي الإثنين والخميس من كلّ أسبوع ويقع في باب طرابلس ..
سوق الحدادين
كانت هذه السوق موجودة وسط مدينة حماة خلف شارع ابن رشد مقتصرة على الحدادين الذين يصنعون الأبواب والنوافذ الحديدية، فيما اختصت بعض المحلات بصناعة العديد من اللوازم الزراعية، كان هذا منتصف التسعينيات، في حين تغيرت معالم السوق وبدأت تفقد بعض مهنها نظراً لتوزع هذه المهن في أطرافٍ مترامية عن وسط المدينة..
ونتوقف قليلاً عند سوق النحاسين وسوق الصاغة لنختم حديثنا عن هذه الأسواق التي تعد من العلائم المميزة في المدينة .
فسوق النحاسين مازالت سوقاً شعبية مستمرة مكانها غربي سوق الطويل منذ عشرات السنين الشبيهه دكاكينها بالرومانية وهي مخصصة لصناعة وبيع الأدوات النحاسية ودلال القهوة المُرة والصواني والتحف النحاسية اللافتة للنظر والحسنة الصُنع حيث يتم تزويقها وتزينها بزخارف جميلة تعبّر عن تقاليد وموروث قديم مازال سائداً منذ مئات السنين إلى يومنا هذا .
وهناك سوق الصاغة المخصصة لبيع الذهب والفضة والأحجار الكريمة حيث يتقن صناعتها الفنانون الحمويون والسوق طولها يتعدى المئة متر .
بقي أن نشير إلى أنّ هناك العديد من صناعة الحرف اليدوية كالحفر على الخشب ورسوم لوحات فنية والحفر على النحاس والتطريز التي كانت تمارسها النسوة..
نأمل أن نكون قد قدمنا بعضاً من ملامح ما كان يُصنع وينتج في مدينة حماة أمّ النواعير مدينة الطيب والكرم وحسن الضيافة والروح الطيبة والمرحة لدى قاطنيها ..