الحرية – بادية الونوس:
شهدت أسواق “البالة” الألبسة المستعملة ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، خاصةً في الفترة الأخيرة، بعد الإقبال المتزايد عليها من جميع شرائح المجتمع، بما فيها الميسورون، في ظل الظروف الصعبة. هذا الأمر ساعد في انتعاشها، وفرض ذاتها كسوق قائمة، بسبب جودتها، وتميز موديلاتها (لمن لديه شغف بالموديل الأجنبي)، وأسعارها التي تناسب الجميع. لكن في المقابل، لا توجد أي ضوابط قانونية، أو حتى رقابة على الأسعار، والتنظيف، أو التعقيم، وغير ذلك.. كان لمراسلة صحيفة «الحرية» هذه الجولة..
من الواقع:
في سوق الشيخ سعد في منطقة المزة، تكتظ البسطات والمحلات بكل شيء مستعمل تحت اسم “ألبسة أوروبية”، بدءاً من ألبسة الأطفال، مروراً باحتياجات المدارس التي قد تجد ضالتك فيها أيضاً، سواءً من حقيبة مدرسية أو حذاء وغير ذلك، وليس انتهاءً “بأجود أنواع الألبسة التي تسمى بـ”الكريم”، وهي جديدة، وفق قول أبو ياسر، صاحب محل بالة، وغير ملبوسة، لكنها تدخل البلد تحت هذا المسمى. يؤكد أبو ياسر أن الأسعار مقبولة وتناسب الجميع، وفي النهاية، القطعة التي يشتريها الزبون تبقى سنوات بكامل جودتها، مشيراً إلى أنها خيار الناس الأغنياء أيضاً، ويطلبون منه طلبات خاصة ويدفعون بسخاء.
مواطنون: البضائع المغشوشة في أسواق البالة.. ألبسة محلية تُباع على أنها مستوردة
ليست رخيصة:
تتردد أم حسام دائماً إلى هذه المحلات والبسطات، كونها تناسب وضعها المادي، وكذلك لجودتها، ولكن أسعارها ليست رخيصة: سعر الكنزة خمسون ألفاً، وحقيبة نسائية مستعملة مئة ألف، لكنها تبقى أفضل بكثير من أسعار الجديد، وبإمكانها إيجاد ما ترغب من موديلات.
أحياناً مغشوشة:
بينما ترى رغد (طالبة جامعية) أن البالة تم غشها في الفترة الأخيرة، لأنها اكتشفت أنه يتخللها ألبسة من الصناعة المحلية، يتم بيعها تحت اسم “تصفية محلات” وتباع بأسعار عالية. لكن بالمجمل هي من مؤيدي ألبسة البالة في ظل الغلاء الذي طال كل شيء، دون رقيب أو حسيب.
تؤثر على المنتج الوطني:
لأصحاب محلات الألبسة الجديدة وجهة نظر، إذ يؤكد فؤاد، صاحب محل ألبسة جديدة، أن مبيعاته محدودة جداً، إلى حدّ أنه فكر أن يبدل محله بألبسة البالة. وأضاف أن محلات البالة تؤثر على المنتج الوطني، ومن الضروري اتخاذ إجراءات فعلية للحفاظ على الصناعة الوطنية.
ملاذ السوريين في زمن الغلاء
يؤكد عبد الرزاق الحبزة، أمين سر حماية المستهلك، أن استيراد البالة قبل التحرير كان محصوراً بأيدي المتنفذين، وكانت آنذاك تعرض بأسواق محدودة في الحريقة وباب سريجة وبسطات الإطفائية، حيث كنا نطالب كجهة رقابية بتعقبها وتنظيمها كسوق ومراقبتها حتى تصل للمستهلك بشكل آمن.
وأضاف: بينما بعد التحرير، دخلت بضائع كثيرة، ولاسيما من جهة الشمال، وصار العرض أكثر وزيادة في الطلب، وهذا خلق نوعاً من الفوضى بسبب انتشارها على الأرصفة وفي الأسواق وعلى السيارات، حتى أصبحت بضاعة منافسة للمنتج الوطني، الأمر الذي دفع بأصحاب الصناعة المحلية للاحتجاج، ليتم بعدها منع البالة وحصرها باستيراد نظامي وفواتير نظامية، لكن للأسف لم يُطبق ذلك، إضافة إلى عدم تنظيمها ومراقبتها من قبل جهات الرقابة الصحية لضمان تعقيمها وخلوها من أي عدوى.
وختم أمين سر حماية المستهلك بالتأكيد على أهمية تنظيمها وتقنينها كسوق قائمة بحد ذاتها وضمن مواصفات جيدة ومراقبة أسعارها، مشيراً إلى أن المواطن يُقبل على هذه السوق لانخفاض أسعارها في الدرجة الأولى. وفيما يتعلق بالمنتج الوطني، أكد أنه لا بد من العمل على تحسين الجودة ووضع سعر مناسب، واعتماد تخفيضات حقيقية وليست وهمية للأسعار.