بعد “جنونه” عالمياً.. الجمود والحذر يسيطران على أسواق الذهب المحلية

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – عمار الصبح

ألقت الأسعار العالمية التي وصلت إليها أسعار الذهب، بظلالها على السوق المحلية والتي باتت تشهد على ما يبدو حالة من الترقب المشوب بالحذر لما يمكن أن تصل إليه الأسعار مستقبلاً، في ظل تسارع جنوني وقفزات غير مسبوقة شهدها المعدن النفيس منذ مطلع الشهر الجاري، وهو ما دفع الجميع للتساؤل: ما الذي يحصل في سوق الذهب عالمياً؟ والسؤال الأهم كيف يمكن للسوق المحلية أن تستوعب هذه “الصدمة”، وأن تعيد ترتيب نفسها على وقع هذه الارتفاعات العالمية؟.

تأثيرات وارتدادات اجتماعية.. و”تلبيسة العروس” تتراجع بنسبة 90%

ترقب وحذر

تشير التوقعات إلى أن الذهب لن يكتفي بما بلغه حتى الآن من ارتفاعات في أسعاره، إذ يبدو جليّاً أن المعدن الأصفر دخل مرحلة صعود طويلة الأمد حسب ما يؤكد الخبراء، ولن يقف عند حاجز الـ 4000 دولار للأونصة، وهو ما يعد سابقة هي الأولى من نوعها على الإطلاق، حيث وصلت ارتداداتها إلى السوق المحلية والتي على ما يبدو تحاول ترتيب أوراقها وأولوياتها على مقاس الأسعار الجديدة.
يكشف أحد أصحاب الصاغة في درعا (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، أن الأسواق تشهد ومنذ فترة الصعود الأخيرة حالة من الترقب والحذر، وهذا أمر طبيعي، على حد قوله، “إذ إن ارتفاع الأسعار هذه المرة جاء سريعاً ومفاجئاً، وعلى شكل قفزات كبيرة”.
ويضيف في حديثه لـ”الحرية”: ” هناك ما يشبه “الجنون” في أسواق الذهب العالمية، التي تكاد لا تهدأ قليلاً حتى تعاود الارتفاع مجدداً محققة مكاسب أكبر”.
وحول مؤشرات السوق المحلية وما يحدث فيها، يقول الصائغ: “ثمة ركود شبه تام سواء على البيع أو الشراء، فالراغب في البيع يترقب أن ترتفع الأسعار بشكل أكبر ليحصد مزيداً من الأرباح، أما المشتري لأغراض الزينة أو للادخار فيمني نفسه بأن تهدأ الأسعار أو أن تتراجع قليلاً”.

تداعيات اجتماعية

ارتفاع أسعار الذهب لم يقتصر في تأثيراته على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتد ليشمل جوانب اجتماعية خصوصاً وأن الارتفاع الأخير جاء في وقت لا يزال فيه موسم الأعراس في أوجه.
وفي هذا السياق يحاول محمد الناجي صاحب محل صاغة أن يعطي مقاربة لتأثيرات الأسعار على مواسم الزواج، ويقول: “متوسط الذهب المقدم في الزواح شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية، فقد كانت “تلبيسة العروس” تتجاوز 50 غراماً فيما مضى، ثم انخفض متوسطها إلى 30 غراماً لفترة طويلة، إلى أن بدأت بالتراجع وصولاً إلى ما هي عليه اليوم حيث لم يعد يتجاوز المتوسط 5 غرامات فقط وباتت تقتصر غالباً على الخاتم”.
تأثيرات فرضت نفسها على سوق الصاغة، وهو ما دفع أصحاب المحال لاتخاذ تدابير لاحتواء هذه التأثيرات.
يشير الناجي إلى أنه ومنذ فترة بدأ أصحاب محال الصاغة التخفيف من معروضات محالهم والتناغم مع حاجة السوق، والاقتصار فقط على الأساسيات أو النماذج التي بات يفضلها الزبون، وبدأ الذهب ذو العيارات الأقل والوزن الخفيف يفرض نفسه بديلاً عملياً.
ويضيف: “لم يعد غريباً تقديم نماذج بأوزان خفيفة من الخواتم والسلاسل أو الأقراط، بل أصبح هذا الخيار هو ما تتسابق محال الذهب لتقديمه في تصاميم بعروض اقتصادية للمقبلين على الزواج”.

خبير: الأصفر النفيس يفرض نفسه كملاذ آمن والأسعار مرشحة للارتفاع أكثر

الأصفر النفيس سيزداد بريقاً!!

وبعيداً عن تشابك وتعدد الأسباب التي أدت إلى هذه الارتفاعات القياسية في أسعار المعدن النفيس، يبدو من الأجدى التركيز على مستقبل الذهب وإلى أين تتجه أسعاره.
يرى الخبير الاقتصادي عبد اللطيف أحمد، أن قراءة مستقبل الذهب تتطلب نظرة سريعة إلى الوراء، فمن يراقب مسار المعدن الأصفر في السنوات الأخيرة يستخلص صورة واضحة تشير إلى أن توقعات الاتجاه الصعودي القوي لا تزال مستمرة، مشيراً إلى أنه وخلال السنوات العشر الأخيرة، تضاعف سعر الذهب أكثر من ثلاث مرات، ففي العام 2015 بلغ سعر أونصة الذهب 1150 دولاراً أما اليوم فتخطى حدود الـ4000 دولار أي بزيادة تجاوزت نسبتها 300 في المئة.
ويضيف: “بالمقارنة مع آخر عامين يبدو التفاوت واضحاً أيضاً، ففي مثل الوقت من عام 2023، سجل سعر الأونصة حوالي 1980 دولاراً، بينما تجاوزت 2720 دولاراً في الفترة نفسها من العام الماضي”.
وخلال العام الجاري يقول الخبير : “فرض الذهب نفسه كأحد أفضل الأصول أداءً، بعدما ارتفع سعره الفوري بنسبة 51% منذ مطلع العام، وهذا ما يؤكد استمراره كملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية”.

Leave a Comment
آخر الأخبار