«أشبال في مهبّ القلق».. كيف تغزو الحروب والشاشات وجدان أطفالنا؟.. خبيرة تكشف الحلول

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – إلهام عثمان:

في زمنٍ تتشابك فيه الأخبار وتتوالى الأحداث، لا تقتصر آثار الحروب الإقليمية على ساحات القتال فحسب، بل تمتد جذورها لتصل إلى أروقة المنازل، وتتردد أصداء الخوف والقلق في نفوس الأهل والأبناء على حدٍّ سواء، فمن خلال متابعة أخبار الحروب المستمرة، وما تحمله من مشاهد عنف وتدمير، قد تتولّد لدى الأطفال والمراهقين مشاعر قلقٍ عميقة تجاه المستقبل، وهو ما يُعرف في علم النفس بـ «القلق غير المباشر».
وفي ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يتفاقم هذا القلق ليصبح صخب الشاشات جزءاً من التحدي، فكيف ينعكس هذا القلق على سلوكياتهم؟ وما الحلول التي يمكن أن تحمي صحتهم النفسية؟

-المصطفى: في ظل سهولة الوصول إلى المعلومات يصبحون أكثر عرضةً للمحتوى الذي يضخّم المخاوف

شبح يطارد العائلات

تشير اختصاصية علم النفس الاجتماعي مريم المصطفى، من خلال حوار مع صحيفتنا «الحرية»، إلى أن التعرض المستمر لأخبار الحروب الإقليمية وما تحمله من مشاهد عنف وتدمير يمكن أن يولّد لدى الأهل شعوراً بالتوتر والخوف من المستقبل، هذا التوتر، ينتقل بدوره إلى الأبناء، سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين، ويكون على شكل «قلق غير مباشر» حسب علم النفس.
لكن في عصرٍ تصبح فيه وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً دائماً للأخبار – وغالباً ما تكون هذه الأخبار مشوّهة أو مبالغاً فيها – تزداد حدّة القلق، هذا ما بينته المصطفى والذي قد يتجلى في اضطرابات النوم، وتراجع التحصيل الدراسي، أو ظهور سلوكيات غير معتادة مثل الانطواء، العدوانية، أو الحساسية المفرطة.

-فلترة المحتوى الذي يتعرض له الأطفال.. والحدّ من متابعة الأخبار الرقمية

صخب رقمي يزيد الطين بلة

وتؤكد المصطفى أن الأطفال والمراهقين أكثر عرضة للتأثر بالأخبار السلبية بسبب عدم اكتمال نموهم النفسي وقدرتهم المحدودة على فهم الأحداث المعقدة، لافتة إلى أنه في ظل سهولة الوصول إلى المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يصبحون أكثر عرضةً للمحتوى الذي يضخّم المخاوف.

-الأطفال والمراهقون أكثر عرضة للتأثر بالأخبار السلبية بسبب عدم اكتمال نموهم النفسي

ما يخلفه القلق

وتضيف أن القلق غير المباشر، المعزَّز بصخب الشاشات، قد يؤدي إلى اضطرابات وصعوبة في النوم، كوابيس، أو الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل، كما يعمل القلق على تراجع التحصيل الدراسي، وضعف التركيز وفقدان الاهتمام بالدراسة، وتراجع الأداء الأكاديمي.
أما عن التغيرات السلوكية، فقد يظهر على شكل انطواء، قلق اجتماعي، عصبية أو عدوانية، أو تعلق مفرط بالأهل، بينما على الصعيد الجسدي، ينعكس القلق غير المباشر على شكل صداع متكرر، آلام في المعدة، أو شعور عام بالإرهاق.

إدارة الخوف

وهنا تشدد المصطفى على أهمية إدارة هذه المشاعر بحكمة لحماية الصحة النفسية للأسرة، خاصة في ظل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وتقدّم مجموعة من الحلول: ومنها التعامل الواعي والهادئ مع الأخبار، إذ يجب على الأهل أن يكونوا مدركين لمشاعر القلق لديهم ولدى أبنائهم، وأن يتعاملوا معها بتفهّم وهدوء.

فلترة المحتوى

كما يجب فلترة المحتوى الذي يتعرضون له، والحدّ من متابعة الأخبار الرقمية، خاصة أمام الأطفال، مع تجنّب النقاشات المطوّلة حول الحروب في حضور الأبناء، ونوهت المصطفى بأنه لابد من تشجيع الأطفال على التعبير عن مخاوفهم وأسئلتهم والإجابة عنها بصدق وبساطة على أن تكون مناسبة لأعمارهم، مع التركيز على الإيجابيات والأنشطة الممتعة، مثل تسليط الضوء على قصص الأمل والصمود، ممارسة الألعاب، والأنشطة الترفيهية التي تخفف التوتر وتعزز الروابط الأسرية بعيداً عن الشاشات.
كما تؤكد المصطفى على أهمية تعليم الأطفال والمراهقين كيفية التمييز بين الأخبار الموثوقة والمعلومات المضللة أو المبالغ فيها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتشير هنا إلى أنه في حال تفاقم القلق أو ظهور أعراض نفسية مقلقة، يجب طلب المساعدة من اختصاصي نفسي يمكنه تقديم الدعم اللازم للأسرة بأكملها.

في عالم رقمي متصل

وختمت المصطفى: إن حماية الصحة النفسية لأطفالنا ومراهقينا في ظل الظروف الإقليمية المعقدة، ومع تزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع بأسره.
ويكون ذلك عبر الوعي، والحوار الهادئ، وتطبيق الحلول المناسبة، لبناء جيلٍ صامد نفسياً، قادرٍ على مواجهة التحديات، والحفاظ على التوازن النفسي، حتى في عالم رقمي متصل بكل ما فيه.

Leave a Comment
آخر الأخبار