من ذهب الليل إلى “بابا فين”.. أغاني الأطفال رسائل تربوية بكلمات جميلة وألحان عذبة

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

تُعد أغاني الأطفال من أقدم وأهم الوسائل التربوية التي استخدمتها البشرية لنقل المعرفة والقيم عبر الأجيال. فهي ليست مجرد تسلية أو وسيلة لتمضية الوقت، بل تشكل أداة فعالة في تشكيل الوعي المبكر وبناء الشخصية الإنسانية السوية. فمن منا لم يستمتع بطفولته بصوت محمد ضياء الدين وهو يغني الصياد والسمكة والرزق الحلال تلك الأغاني التي رسخت قيماً إنسانية نبيلة وبأسلوب سلس من خلال كلام جميل وبسيط ولحن عذب.
تقول سميرة مسعود مدرسة موسيقا إن أغاني الأطفال تعمل على غرس القيم الأخلاقية بطريقة غير مباشرة وسلسة، حيث تقدم المضامين الأخلاقية في قوالب إيقاعية جميلة تتناسب مع عالم الطفل. فمن خلال الكلمات البسيطة واللحن المبهج، تصل الرسائل التربوية إلى عقل وقلب الطفل بسلاسة، ما يجعلها أكثر ثباتاً وتأثيراً من التوجيهات المباشرة. ولفتت إلى أنه خلال الحصص الدرسية غالباً ما تقوم بتلحين الأناشيد إلى الأطفال وتحويلها إلى أغاني من أجل الاستمتاع بالكلام واللحن وإيصال الرسالة التربوية بسهولة ويسر وعلى سبيل المثال أغنية محمد فوزي “ذهب الليل وطلع الفجر العصفور صوصو ” تحمل العديد من الصور الجميلة التي يحبها الأطفال وبالمقابل تزرع قيماً وسلوكيات جيدة من خلال الاستيقاظ الباكر وعدم إيذاء الحيوانات.


ومن أهم الرسائل التي تعززها أغاني الأطفال قيمة التعاون مثل أغنية ضع يدك في يدي ونحمي غدك وغدي وهناك الأغاني التي تحث على العمل الجماعي وروح الفريق إضافة إلى أغانٍ التي تعزز قيم الصداقة وقيم احترام الكبير تجاه الأجداد والأهل مثل أغنية جدو يا جدو يا أجمل جد وهناك الأغاني التي تعزز حب الوطن والانتماء إليه وقيم النظافة والتسامح.

الآليات النفسية المؤثرة

تعتمد فعالية الأغاني في نقل القيم على عدة آليات نفسية، منها • التكرار: الذي يساعد في ترسيخ المفاهيم في الذاكرة طويلة المدى واستخدام الإيقاع: الذي يجعل عملية الحفظ والتلقي أكثر متعة اضافة الى اللحن والموسيقا التي تثير المشاعر الإيجابية وتزيد من تقبل الرسالة ولابد من تكون هناك قصة في الأغنية لجذب الطفل والتي تقدم القيم في سياقات حياتية مفهومة.

التحديات المعاصرة

ولفتت مسعود إلى أنه في عصر التكنولوجيا والإنترنت، تواجه الأغاني التقليدية تحدي المنافسة مع المحتويات الرقمية التي قد لا تحمل نفس القيم التربوية. وهذا يستدعي ضرورة تطوير أغاني الأطفال لتواكب العصر مع الحفاظ على جوهرها القيمي، وإنتاج محتوى غنائي يجمع بين الجاذبية والمعاصرة والعمق التربوي فأي معنى لأغنية “بابا فين “على سبيل المثال التي اشتهرت في السنوات الماضية ويغنيها الأطفال دون أي فائدة منها .
مشيرة إلى أن أغاني الأطفال تمثل جسراً مهماً بين التسلية والتربية، وبين المتعة والتعليم. وهي ليست مجرد تراث ثقافي نحمله وإنما هي رسائل تربوية نبني بها قيم وأخلاق ومستقبل الأجيال، داعية الأهل والمؤسسات التربوية والإعلامية الاهتمام بهذا المجال والعمل على تطويره، لأن في استثمار أغاني الأطفال استثماراً في القيم الإنسانية السامية التي تشكل أساس المجتمعات المتحضرة.

Leave a Comment
آخر الأخبار