الحرية- سراب علي:
لم تعد مكتبة الأطفال العمومية في اللاذقية مكاناً تقليدياً بل أصبحت منصة حضارية تواكب العصر وتبني جيلاً قادراً على التفاعل مع تقنيات المستقبل، فعلى رفوفها أكثر من 12 ألف كتاب، القراء فيها مجانية والاستعارة شبه مجانية، تلبي مهارات واحتياجات الأطفال من عمر ٣ إلى ١٨ سنة .
تشكل بقصصها وأركانها المتعددة واحة ثقافية ومعرفية مخصصة لتنمية مهارات الأطفال وتغذية عقولهم بالمعرفة، لتصبح مركزاً متكاملاً للتعلّم التفاعلي يقصدها الأطفال من مختلف الأعمار.
مكتبة تفاعلية
وأشارت المدير التنفيذي للجمعية في اللاذقية فاطمة شحرور إلى أنها أول مكتبة تفاعلية عامة في سوريا للأطفال، ومكان يدمج بين التعليم والترفيه، إذ وفرت بيئة مثالية تجمع بين المعرفة والتطبيق العملي، وتضم المكتبة أقساماً متعددة تستهدف مختلف الفئات العمرية من الأطفال واليافعين، حيث يتم تنظيم ورشات عمل منتظمة في مجالات الرسم، الكتابة، المسرح، واللغة.
وأضافت شحرور: لدينا ركن للطفولة المبكرة (3-6) سنوات ومناسبة لأعمارهم قليلة الارتفاع والكتب اسفنجية وفيها الكلمات والصور كبيرة يصل إليها الطفل بكل سهولة، وهذا يعطيه حالة تفاعلية جميلة، وكذلك الطفولة المتوسطة من 7-10 سنوات فيها مجموعة غنية من الموسوعات التي ترضي فضول الطفل في هذا العمر ( الكواكب والنجوم والأرض وجسم الإنسان والفضاء ) بالإضافة للقصص المتنوعة، كما يضم قسم اليافعين من (١٢-١٨ سنة) روايات وكتب الخيال العلمي، بالإضافة لقسم خاص للمرافقين والأهالي والزوار فيه كتب تعنى بالثقافة العامة والتربية حيث يمكن للمرافقين استعادتها أيضاً.
وأشارت شحرور إلى أن أغلب الكتب باللغة العربية وقسم منها باللغة الإنكليزية، وكذلك الركن التفاعلي يحتوي شطرنج ونادي العلوم ومسرح الدمى وفعاليات مختلفة، وهناك بطاقة استعارة رمزية عن كامل العام بقيمة ١٠ آلاف ليرة يستطيع الطفل من خلالها قراءة الكتب واستعارتها لقراءتها في المنزل.
ولفتت شحرور إلى أن التشجيع على القراءة يكون من خلال المبادرات والفعاليات ومعارض الكتاب ، وكان أول معرض متخصص عرضته الجمعية في عام ٢٠١٨ تضمن الإصدارات الخاصة بالأطفال على مستوى سوريا.
توجّه للأنشطة
وأكدت المدير التنفيذي أن أنشطة المكتبة تشهد إقبالاً متزايداً من الأهالي الذين وجدوا فيها فرصة ثمينة لتطوير مهارات أطفالهم خارج الإطار المدرسي، فجانب الأنشطة لا يقل أهمية عن سواه خصوصاً في فصل الصيف فالطفل يحتاج مكاناً آمناً وثقةً وهذا بنته الجمعية خلال سنوات طويلة والثقة مع الأسرة هذا الشيء يمكن أن يستقطب الأسرة من خلالها, والأنشطة متنوعة توافق أغلب الشرائح العمرية من٣-١٨ عاماً، والأنشطة بالعموم ترفيهية موجهة يكتسب من خلالها الأطفال الصغار المهارات (تآزر بصري وحركي وتوازن وخبرات).
وأضافت : هناك أنشطة تعليمية نحاول أن تكون حاضرة في أنشطة الجمعية بشكل دائم تواكب التطور المعرفي للأطفال كالرسم والشطرنج، ونادي الروبوت والبرمجة واللغة الإنكليزية.
ولفتت شحرور إلى توجه الأهالي لهذه الأنشطة وهذا ما تم لمسه عند العديد من الأطفال وأسئلة الأهالي التي تتكرر حول تلك الأنشطة.
ثلاثة مراكز
ونوهت شحرور بالاحتفالات التي تقيمها الجمعية في المناسبات لتعريف الطفل عليها إذ تقام الأنشطة في المراكز الثلاثة، المركز الرئيسي في المركز الثقافي و مركز ضاحية بسنادا و مركز الطفولة المبكره في سكن الشباب (دار) الذي يخدم الشريحة من ٣-٥ سنوات وهو نادٍ شتوي تعليمي، وفي الصيف نادٍ تعليمي ترفيهي يعتمد على تزويد الطفل بالمهارات والخبرات اللازمة لهذا العمر بطريقة تفاعلية عن طريق اللعب بعيداً عن المنهاج والكتاب وهذا يلبي احتياج الطفل في هذا العصر ( أوراق عمل، أغنية ,لعبة )، وأكدت أن النشاطات التي تقدمها الجمعية للأطفال تكون مدروسة، إذ يقدم صاحب الفكرة فكرته والتفاصيل عن الشريحة العمرية والهدف منها والنشاط ونتابع سير تحقيق الهدف منها.
تعليم البرمجة
وما يلفت النظر في السنوات الأخيرة هو إدخال برامج تعليم البرمجة والروبوت إلى أنشطة المكتبة، لتصبح رائدة في هذا المجال على مستوى المحافظة، إذ بينت المدير التنفيذي أن مشروع الروبوت والبرمجة الذكاء الاصطناعي مطروح في الجمعية منذ ثلاث سنوات، وأطفال نادي الروبوت مستمرون حتى الآن ووصلوا بمشاريع الذكاء الاصطناعي وحققوا مشاركات على مستوى البلد و خارجها أون لاين، كما حققوا مراكز متقدمة بالتعاون مع نادي جينيوس المختص بهذا المجال، وهناك إقبال ملحوظ من قبل الأهالي على هذه الأنشطة.
ولفتت إلى أنه لا يتم تعلّيم الأطفال فقط كيف يصنعون روبوتاً أو يبرمجون لعبة بسيطة، بل يزرع فيهم طريقة التفكير المنطقي، وحل المشكلات، والعمل الجماعي، وهذه المهارات ستكون أساس مستقبلهم الأكاديمي والمهني.