ألسنة اللهب تطول سوريا في الطاقة وأسعار الصرف

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- رشا عيسى:
تشهد المنطقة تصعيداً عسكرياً غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، يحمل في طياته تداعياتٍ اقتصاديةً واسعةً على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، ولاسيما في مجالات النفط والطاقة وسلاسل التوريد والتضخم، وتزداد أهمية تحليل هذا الصراع في ضوء التحولات الجيوسياسية المستجدة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

الحرب الإيرانية- الإسرائيلية تشعل ناراً اقتصادية في المنطقة والعالم

المنطق والواقع يؤكد أنه لا يمكن فصل الحرب الإيرانية – الإسرائيلية عن سياقها الاقتصادي الأوسع، إذ إنها تُعيد تشكيل ملامح الأسواق ودوائر المخاطر على المستويين العالمي والإقليمي، أما في الحالة السورية، فرغم غياب التأثير المباشر بفعل تراجع العلاقة مع إيران، إلا أن التداعيات تظهر بوضوح في قطاعات الطاقة والأسعار وسعر الصرف، ما يزيد من هشاشة الوضع الاقتصادي، ويُحتّم مراقبة التطورات والاستعداد لسيناريوهات أكثر تعقيداً مستقبلاً، كما يوضح لـ(الحرية) الأكاديمي والباحث في الشؤون الاقتصادية الدكتور عباس رشيد كعده.

د.كعده: سوريا عرضة لتأثيرات الحرب بشكلٍ غير مباشر في الطاقة وأسعار النفط

انعكاسات الحرب

ويشرح كعدة انعكاسات الحرب الإيرانية – الإسرائيلية على الاقتصاد العالمي والإقليمي والسوري.
ويبدأ من المستوى العالمي، مبيناً أن التصعيد الإيراني – الإسرائيلي أثّر مباشرةً في الأسواق العالمية، إذ سجّلت أسعار النفط ارتفاعاً فورياً تجاوز 8 % خلال الأيام الأولى من اندلاع المواجهات، بحسب تقريرٍ صادرٍ عن S&P Global بتاريخ 13 حزيران 2025، مع تجاوز سعر برميل “برنت” عتبة 90 دولاراً. ويُعزى هذا الارتفاع إلى مخاوف المستثمرين من تهديد طرق الشحن في الخليج العربي ومضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية.

د. كعده: تبقى الليرة معرضةً لأي صدمةٍ خارجية

كما تشير تقارير حديثة صادرة عن Bloomberg Economics (14 حزيران 2025) إلى أن استمرار المواجهة قد يُدخِل أسواق الطاقة العالمية في حالة تذبذب، مع احتمال ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي أيضاً، ما يُنذر بتباطؤٍ اقتصادي عالمي إذا استمر التصعيد العسكري.
ولا تتوقف الانعكاسات عند قطاع الطاقة فقط؛ فارتفاع الأسعار يؤدي تلقائياً إلى تغذية التضخم العالمي بنسبٍ متفاوتة، تبعاً لطبيعة اقتصادات الدول ما بين منتجةٍ ومستهلكةٍ للطاقة.
أما على المستوى الإقليمي، فأكد كعده أن المنطقة ليست بمنأى عن التداعيات، فدول الخليج، رغم احتفاظها بهوامش تصديرية مرتفعة في قطاع الطاقة، تواجه تحدياتٍ في تأمين ممرات الشحن وحماية منشآتها الحيوية، ولاسيما في حال طال أمد الحرب.

أما دول الجوار مثل مصر ولبنان والأردن، فتعتمد بشكلٍ كبير على استيراد الطاقة والمواد الأساسية، وسط ضغوطٍ مالية متراكمة. وتشير تقديرات IMF (يونيو 2025) إلى إمكانية ارتفاع معدلات التضخم في بعض هذه الدول بنحو 2% على المدى القصير، ما يعمّق الأزمات المعيشية ويزيد اضطراب الأسواق.

د.كعده: الصراع يُعيد تشكيل ملامح الأسواق ودوائر المخاطر عالمياً وإقليمياً

التأثير على سوريا

ورغم تراجع العلاقة الاقتصادية بين سوريا وإيران تبقى سوريا عرضةً لتأثيرات الحرب بشكلٍ غير مباشر، وذلك عبر ثلاث قنوات رئيسية يوضحها كعده بهذه النقاط:
1. الطاقة وأسعار النفط
سوريا بلدٌ مستوردٌ للمشتقات النفطية بشكلٍ شبه كامل. وأي ارتفاعٍ في أسعار النفط عالمياً ينعكس مباشرةً على كلفة تأمين المحروقات، ما يؤدي إلى زيادةٍ في أسعار النقل والكهرباء والخدمات الأساسية، ويضاعف من صعوبة تحريك عجلة الإنتاج المحلي.

2. السلع الأساسية والتضخم المستورد
تعتمد سوريا على استيراد نسبةٍ كبيرة من المواد الغذائية والمواد الأولية. وارتفاع الأسعار عالمياً، مع اضطراب سلاسل التوريد، يؤدي إلى تضخمٍ مستورد، يفاقم فجوة القدرة الشرائية في الداخل السوري، خاصةً مع استمرار ارتفاع تكاليف الشحن والتمويل، وتعثر تنفيذ رفع العقوبات جزئياً.

3. سعر الصرف والاستقرار النقدي
في ظل غياب مصادر مستقرة للعملة الصعبة، واستمرار تراجع التحويلات الخارجية، تبقى الليرة السورية معرضةً لأي صدمةٍ خارجية. واستمرار الحرب من شأنه أن يفاقم الضغوط على سوق الصرف، ويهدد بموجاتٍ جديدة من التضخم وتآكل القوة الشرائية، ما يضعف قدرة الدولة على التدخل في السوق وتأمين السلع الأساسية.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار