أمسية “سكون” في دار الأوبرا بدمشق.. تجربة روحية بين الفن والسكينة

الحرية – حسيبة صالح:

احتضنت دار الأوبرا بدمشق مساء الأربعاء  12 تشرين الثاني 2025 أمسية موسيقية بعنوان “سكون”، نظّمتها وزارة الثقافة، حملت في طياتها فنًا صوفيًا عميقًا، وموسيقى تنبض بالسكون والجمال، وذلك على خشبة مسرح الدراما، حيث اجتمعت الأرواح قبل الأجساد، لتعيش لحظات من الصفاء والدهشة، حيث احتضنتها الألحان.

السكون الذي يعزف في الداخل…

في حديثه عن فلسفة الموسيقى، قال عازف البيانو الأستاذ علي خلقي: “السكون في الموسيقى ليس مجرد توقف عن العزف، بل هو لحظة تأمل عميقة، تسبق النغمة وتمنحها معناها، كما قال موزارت: السكتة أهم من الموسيقى نفسها، لأنها تتيح للروح أن تُصغي، لا للأصوات، بل لما خلفها من مشاعر ومعانٍ.”
وأضاف: “في أمسية سكون تعمّدنا أن نترك فاصلًا من الصمت في قلب العرض، لا لنرتاح، بل لنُصغي إلى السكون ذاته، أردنا للجمهور أن يعيش تلك اللحظة النادرة التي لا يُعزف فيها شيء، لكنها تعزف في الداخل كل شيء. فالسكون هو النغمة الحقيقية التي يسكنها السلام، وهو الشعور  الذي يسكن في أعماق كل إنسان.”

أصوات من القلب إلى القلب..

قاد الأمسية الفنان إيهاب حمدان بصوته وإيقاعه، بمرافقة كل من محمد جمال على الغيتار، علي خلقي على البيانو، وسيمون مريش على الإيقاع والهاند باند.
وضمت المقطوعات التي تألف منها برنامج الأمسية “بنفسج، لو كان لي قلبان، العودة، اسقني، كحل أسود، ورق أخضر، قل لمن يفهم عني، سكون، بدون عنوان، لقد صار قلبي، طوفي بي”، تخللتها استراحة موسيقية “لحظة سكون”.
تناغم الأداء بين العازفين اوجد حالة وجدانية نادرة، حيث امتزجت الموسيقى الصوفية بالارتجال، ولامست الحواس والذاكرة.

الجمهور يصغي إلى ذاته..

الجمهور لم يكن مجرد متلقٍ، بل كان شريكًا في التجربة، ففي حديث مع مها طيارة، قالت: “شعرت أنني أتنفس من جديد، وكأن الموسيقى أعادت ترتيب داخلي.”
بينما عبّر حسن عن اللحظة الصامتة في منتصف الحفلة بقوله:
“كان الصمت أبلغ من كل الكلمات، وكأننا نُصغي إلى أنفسنا لأول مرة.”

خاتمة تهمس بالسلام

انتهت الأمسية كما بدأت.. بهدوء، وبدعوة إلى التأمل، لم تكن مجرد حفلة موسيقية، بل تجربة روحية، جمعت بين الفن والسكينة، وبين الصوت والصمت.
في زمن يضجّ بالضجيج، جاءت “سكون ” لتقول لنا: أحيانًا، أجمل ما في الموسيقى… هو أن تصمت.