الحرية- متابعة مها سلطان:
على بعد أيام من لقاء مرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، يصرُّ الإعلام الأميركي على تقديم العلاقات الأميركية _ الصينية في إطار تصادمي شديد الخطورة حيث بات وقوع صدام عسكري بين القوتين احتمالاً واقعياً أكثر من أي وقت مضى، وفق صحيفة نيويورك تايمز في مقال لها اليوم.
صحيح أن الصحيفة الأميركية وصفت هذا الصدام بأنه عرضي إلا أنها في الوقت ذاته استعرضت بتوسع تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، إلى جانب تزايد حوادث الاعتراض الجوي والبحري بين القوات الأميركية والصينية مما يجعل أي خطأ ولو كان صغيراً قادراً على إشعال مواجهة واسعة.
واعتبرت نيويورك تايمز أن الخطر المتزايد لا يتمثل فقط في هذه الحوادث والوقائع، بل أيضاً في غياب قنوات اتصال موثوقة بين الجيشين الأميركي والصيني لتفادي الأزمات، على عكس ما كان عليه الحال زمن الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، عندما وُضعت آليات اتصال وضمانات أمان تمنع الانزلاق إلى مواجهة مباشرة.
صحيح أن الاتفاق التجاري مع الصين هو ضمن أولويات ترامب الذي يستعد للقاء نظيره الصيني إلى أن التجارة لا تزدهر دون استقرار، وفق تعبير نيويورك تايمز التي رأت أن وضع نظام دائم لإدارة الأزمات مع الصين سيكون خطوة استراتيجية تضمن السلام وتمنح ترامب إرثاً تاريخياً بوصفه من أبعد العالم عن حافة حرب عالمية جديدة.
وأعادت الصحيفة الأميركية إلى الأذهان حوادث تاريخية شهيرة شكلت إنذارات خطيرة باتجاه قيام حروب عالمية جديدة، فخلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، كاد التصعيد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أن يقود إلى مواجهة نووية.
وشهدت العلاقات الأميركية الصينية حادثة مشابهة عام 2001 حين اصطدمت طائرة تجسس أميركية بمقاتلة صينية فوق بحر جنوب الصين، ما أدى إلى مقتل الطيار الصيني واحتجاز الطاقم الأميركي بجزيرة هاينان. وانتهت الأزمة بعد 10 أيام من مفاوضات دبلوماسية حساسة، لكن نيويورك تايمز تشكك في أن مثل هذا الحل سيكون ممكناً اليوم في ظل التوترات القومية والتصعيد العسكري المتبادل.
وتشير نيويورك تايمز إلى أن واشنطن وموسكو خلال الحرب الباردة كانتا تتبادلان الإشعارات قبل إطلاق الصواريخ، وتطبقان أنظمة شفافية متبادلة تميز بين التدريبات والهجمات الفعلية، وهو ما ساعد في تفادي الكوارث.
أما مع الصين، فالاتصالات بقيت محدودة ومتقطعة. فقد علّقت بكين الحوار العسكري مراراً، آخرها عام 2022 بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان.
ورغم اتفاق الرئيس السابق جو بايدن وشي عام 2023 على استئناف التواصل، فإن ذلك لم يتحول إلى نظام فعّال، إذ تقتصر الاتصالات على مكالمات أو لقاءات متباعدة لا يمكنها احتواء الأزمات التي قد تندلع.
وفي الشهر الماضي، أجرى وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسِث اتصالاً مع نظيره الصيني دونغ جون، في خطوة رمزية نحو تصحيح هذا الخلل. لكن نيويورك تايمز ترى أن «المكالمات العرضية» لا تكفي، خاصة أن التجارب السابقة أظهرت أن الاتصالات الأميركية كثيراً ما تُترك «ترن في غرفة فارغة» دون رد صيني.
وتختم نيويورك تايمز مقالها بالقول: على ترامب الاتجاه نحو ترسيخ نظام دائم للاتصال العسكري مع الصين، لأنه قد يكون هو الفارق بين الحرب والسلام.