الحرية – فردوس دياب:
بدأت القصة من طفلة إسمها ” شام “.. “شام” باسمها الكبير أصل الحكاية،” شام ” طفلة عمرها ٨ سنوات، كانت مدللة أبيها وحبيبته وفلذة كبده، شام، أصبحت فجأة يتيمة الأب، بعد أن توفي والدها في معتقلات النظام، ” شام ” أضحت بين ليلة وضحاها أسيرة الحزن والدموع والكوابيس المروعة.
” شام ” أصيبت بمرض الصداف، ونتيجة لحزنها الشديد على والدها تطورت حالتها نحو الأسوأ، وبدت في خضم حزنها على والدها ووجعها من مرضها، منبوذة بين أهلها ورفيقاتها في الميتم.
شام، لم تكن قصة طفلة سورية فحسب، بل كانت قصة أطفال سوريا، وقصة معاناة السوريين الذين خطفهم الألم والقهر والموت لعقود طويلة، شام قصة ألم وأمل وإرادة حياة ونهوض من تحت الركام.
مع شام، بدأت حكاية منظمة عبر الأطلسي للإغاثة الإنسانية (AHR)، التي سارعت لمد يد العون لشام الطفلة، ولشام المدينة، ولسوريا الأم التي جمعت كل السوريين بين ذراعيها وشغاف قلبها.
تقديراً ووفاء للأم السورية
صحيفة “الحرية”، عاشت بعضاً من فعاليات منظمة عبر الأطلسي للإغاثة الإنسانية، و التقت مديرها الدكتور همام آقبيق، وسألته بداية عن سبب تسمية الحملة بـ” أم الشهيد”، حيث قال: إن سبب التسمية يعود إلى التقدير والإدراك الكبير للتضحيات الجليلة التي قدمتها الأم السورية خلال مرحلة الثورة، فكانت أم الشهداء والأيتام والمعتقلين، وكانت زوجة الشهيد والمعتقل وأخته وابنته، وظلت برغم آلامها وأوجاعها شامخة وصامدة وصابرة، لم تخضع، ولم تساوم، ولم تستسلم، وبقيت عماداً للأسرة والمجتمع.
وأوضح الدكتور آقبيق أن رسالة المنظمة لا تعرف حدوداً، وأن الانسانية تتحدث كل اللغات، وأن الهدف الأساسي الأسمى، هو إيصال المساعدة لكل سوري أينما وجد، مبينا، أن “عبر الأطلسي”، تأسست عام ٢٠١٢ مع بدايات الثورة السورية، عندما بدأ النظام البائد بقتل و تهجير السوريين، فكانت البداية من الأردن، حيث نظمنا ٢٥ حملة لمساعدة اللاجئين السوريين هناك، كان آخرها في تشرين الثاني الماضي.
٤٥٠ متطوعاً و ١٣٥ طبيباً
وبعد تحرير سوريا من النظام المجرم، يضيف آقبيق، قررنا تنظيم أكبر حملة طبية ضمت ٤٣٦ متطوعاً ١٣٥ طبيباً معظمهم من السوريين المغتربين، وتوزعت على أربع محافظات هي دمشق وحلب وحمص وإدلب، حيث تم إجراء عشرات العمليات الجراحية النوعية، كما تم تجهيز عيادات متنقلة في معظم المناطق التي تعرضت للدمار في دمشق وضواحيها وفي أرياف حمص الشمالي الغربي الجنوبي،و في وادلب ومعرة النعمان.
رسم البسمة
ومن الأطراف المشاركة بالحملة، التقت “الحرية ” صاحب مؤسسة النابلسي الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، محمد النابلسي الذي أكد أن مؤسسته وبالتعاون مع منظمة عبر الأطلسي قامت بتنظيم وتمويل أول بعثة طبية إلى سوريا بعد التحرير وبمشاركة أطباء متطوعين من مختلف أنحاء العالم لمساعدة السوريين، لاسيما المرضى منهم والأيتام، حيث ساهمت بمبلغ كبير جداً، لتغطية الدعم اللوجيستي للعمليات الجراحية وأعمال الترميم والإصلاح للمراكز الطبية، وشراء أجهزة طبية.
آقبيق: رسالتنا لا تعرف حدوداً وإنسانيتنا تتحدث كل اللغات
وأوضح النابلسي أن الهدف الأساسي للمؤسسة هو مساعدة الشعب السوري على النهوض مجدداً وإعادة رسم البسمة على وجوه الأطفال والمحتاجين واليتامى.
أما مدير مؤسسة النابلسي كنان زرزر، فقد أكد بدوره أن هذه هي الحملة الثانية للمؤسسة لمساعدة السوريين، بعد أن شاركنا سابقاً في حملة دعم السوريين في مخيمات اللجوء في الأردن، مبيناً أن الظروف باتت مهيأة بعد التحرير لحملات أخرى داخل سوريا لدعم الشعب السوري.
وأضاف زرزر: إن الهدف الأساسي من مشاركة “مؤسسة النابلسي” في حملة ” أم الشهيد” هو مساعدة السوريين المتضررين من ممارسات النظام البائد، سواء داخل سوريا أو خارجها.
جهود جبارة
من جانبه، قال لقمان كعكة ( مسؤول الحملة): إن منظمة عبر الاطلسي، استطاعت خلال فترة وجودها القصيرة في سوريا إنجاز عشرات العمليات الجراحية الناجحة، (القلبية والعينية والأذنية والجراحات العامة والنسائية والتجميلية )، وبالتعاون مع العديد من المشافي الحكومية (المجتهد والهلال الأحمر والمواساة)، مؤكداً أن جميع أفراد الفريق من متطوعين وأطباء قاموا بجهود جبارة لمساعدة السوريين من أجل رسم البسمة والفرح على وجوههم، متمنياً أن تكون الحملات القادمة أكبر من حيث العدد والمساعدة للسوريين.
الدكتور شريف آقبيق وهو أحد المتطوعين بمنظمة عبر الأطلسي ( AHR) قال: إنه جاء من لندن لتقديم مختلف أشكال المساعدات الطبية للسوريين، وذلك من خلال إعادة ترميم وتجهيز العديد من العيادات وباختصاصات مختلفة، نسائية و أطفال وعيادات سنية، وعدة اختصاصات أخرى، كما بين أنه يوجد هناك فريق من المتطوعين خاص بعمل نشاطات خاصة بالأطفال.
وأضاف: إن جميع المتطوعين في الحملة يربطهم فقط رابط الإنسانية ومحبة سوريا وشعبها، وإنهم جميعاً جاؤوا إلى سوريا على حسابهم الشخصي وإن كل تكاليف إقامتهم ووجودهم في سوريا هي أيضا على حسابهم الشخصي، وإن التبرعات من المشاركين والمتبرعين والرعاة تذهب مباشرة إلى السوريين المستحقين.
من جهتها، أكدت الدكتورة دانيا صادق، إحدى المتطوعات في المنظمة والمسؤولة عن الفريق الإنساني قسم الأطفال أنه كان هناك برامج ترفيهية موازية لنشاطات المنظمة، استهدفت الأطفال المرضى واليتامى، من أجل التخفيف عنهم ورسم البسمة على وجوههم.
يذكر أن حملة ” أم الشهيد” كانت برعاية وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل، وبالتعاون مع منظمة عبر الأطلسي للإغاثة الإنسانية، وبدعم من منظمة النابلسي وفريق ملهم التطوعي، وقد قامت بتقديم خدماتها الطبية المجانية في دمشق وحلب وإدلب وحمص.