أم منير.. الوجه الآخر لسامية الجزائري.. تربع الأمومة فوق سابع أرض

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – حنان علي:

في ركنّ قصيّ، حيث يقبع كرسيّها المتحرك، أو حيث تستسلم لرقادها الطويل “تحت سابع أرض”، كانت والدة العجان ترسم فصولًا جديدة من حكايتها. لم تكن هذه السنة كغيرها؛ فقد اختارت “أم منير” صبّ الانتقادات فوق رأس ابنها “المغضوب عليه”، وبدلًا من لمسة أمٍ حانية، راحت تقرأ طالعه المخضب بالدماء. السيدة سامية الجزائري…اسمٌ يُأخذك إلى خبايا الحارات الشعبية، إلى “كيدِ” زوجة متسلطة أو جارة بخيلة، إلى امرأة شريرة طماعة، قاسموا شخصياتها المشتركة القوة والتسلط وقبلها الكوميديا.

نجومية مبكرة
لم تكن تدري جزائري، وهي ابنة دمشق الأصيلة، أنها ستصبح أيقونة فنية، عندما اختطفها عالم التمثيل مصادفةً بسؤال بسيط من المخرجة قسمت طوزان: “بتمثلي؟” فجاء ردها العفوي، الذي يحمل بين طياته روح الدعابة والثقة: “أي بمثل شو خايفة منك!” لتخطو بعبارتها عتبات مسلسلها الاجتماعي الأول “أبو البنات”, خمس سنوات لاحقة وتنضم فنانتنا للكبار الثلاثة دريد لحام والراحلَين نهاد قلعي ورفيق سبيعي في مسلسل (حمام الهنا) لترتقي أولى درجات النجومية بصحبة أختها المتألقة صباح، ولتتوالى بعدها جزائري بتجسيد أدوار إبداعية ضمن قالبين تراجيدي وكوميدي حافرة صورتها عميقاً في قلوب المتابعين.
تاريخٌ خلاّق
في المسرحية الوحيدة لها «غربة» مع الكبير دريد لحام ونهاد قلعي وأختها صباح الجزائري، حيث فاضت فنانتنا بالحب والرصانة بإبداع لا مثيل له, وأيّ أداور خطتها على الشاشة من مكابدات زوجة متعبة في (حصاد السنين)، والضرة (أم عبدو) التي عانت الأمرَّين بأيامها الشامية, أيّ صوتٍ قصّ أجمل الحكايا بنبرة هادئة سرقتنا أطفالاً لعالم من الخيال في مسلسل (كان يا ما كان), وأيّ أدوار متباينة في “ليالي الصالحية”، و”أهل الراية” و”زنود الست”, “بريمو”، “أسعد الوراق”، “مذكرات حماد”، “مرايا”، “امرأة لا تعرف اليأس”، “دامسكو”، “جيران”، “شتاء ساخن”، و”طيبون جداً”, ولتكمل فنانتنا تخضيب مسيرتها السينمائية بأفلام خالدة: كفرون، “سمك بلا حسك”، “رحلة حب”، “غابة الذئاب”، “صح النوم”, ومشاركة بتمثيليات تلفزيونية أمثال: “النزاع”، “الانتظار”، “الكاميرا الخفية”، “كذبة بيضا”. رمضان22 «غريبة ومرعبة»، سمتان وصف بهما حسام تحسين بك كاتب مسلسل “الكندوش”2 شخصية “أم مصطفى” التي أعادتنا لطباع البخل عند “أم محمود” في مسلسل “يوميات جميل وهناء” متفوقة عليها بابتكار وسائل أنجع للأذى والتوفير, معلنة بطولةً خاصة منذ لحظات ظهورها الأول في العمل، وواضعة المتفرج قيد الترقب لوسائل وحيلٍ تحضرها وخطط تنال من عائلتها.

جمهور داعم
أثار ظهور الفنانة القديرة سامية الجزائري في أحد مشاهد مسلسل “تحت سابع أرض” المعروض خلال موسم دراما رمضان 2025، جدلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي. حين تفاجأ الجمهور بعدم وجود اسمها في شارة العمل، ما دفعهم إلى المطالبة بتعديل الشارة فوراً، حال معجبين داعمين محبين لطالما حفزت أدوار جزائري تعليقاتهم الفكاهية حول طرقها الخلاقة بالبخل: “تعلموا أحدث طريقة لتوفير البن من أم مصطفى”، “نشفوا طحل البن بعد شرب القهوة اقتداء بأم مصطفى!”، ليعلق آخر: “شفتولي أم نجيب؟”، مشيرين لأصدقائهم في نوع من الدعابة: “ذكرتني فيك” ، “تعلموا فنون الاقتصاد” , في حين عدّ البعض: “أم مصطفى شخصية رئيسة مؤثرة” فيما نعتها متابعون بالقول: “مثال للمرأة اللئيمة المتأهبة لتخريب حياة أولادها والآخرين وصولاً لما تصبو إليه”. وذلك في تناقض جليّ مع الشخصية التي تجسدها سامية الجزائري في “حوازيق” الجدة القوية ذات الملامح الجدية، والأم صاحبة الحنكة والخبرة المتعاونة مع الجميع.

كتابة درامية
بعد رحلة ساطعة اقتصرت على التمثيل، قررت سامية جزائري دخول عالم الكتابة عبر مسلسل أطلقت عليه عنوان “سيرة وانفتحت” خبر أعلنته الفنانة على صفحتها الرسمية عن أحداث اجتماعية لا تخلو من الكوميديا التي وسمت شخصيتها.

تكريمات
التجربة الثرية لسيدة الكوميديا منحتها الكثير من الجوائز والتكريمات منذ عام 1967 كأفضل ممثلة صاعدة بلقب نالته من إذاعة دمشق، تلاه تكريم عن دورها في فيلم كفرون في مهرجان القاهرة 1990، ولتنال لقب أفضل ممثلة عربية عن دورها في مسلسل عيلة 7 نجوم لسنتين متتاليتين في مهرجان التلفزيون العربي السوري 1996-1997, ومن ثمّ لتحصل في مهرجان قرطاج على لقب أفضل ممثلة عربية عن دورها في مسلسل يوميات جميل وهناء 1997 وليعاد تكريمها في المهرجان ذاته عن دورها في مسلسل ليالي الصالحية عام 2004, وفي العام 2008 كرمت جزائري من قبل مؤسسة دبي للإعلام عن دورها في مسلسل الحوت، وليتم تكريمها في العام نفسه عن كل أعمالها الفنية من قبل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون .

Leave a Comment
آخر الأخبار