الحرية – باسمة اسماعيل:
يبرز مركز “أنا وطفلي” الكائن في مركز الرمل الشمالي الصحي – دوار الأزهري، وسط تنامي الحاجة لبرامج دعم تخصصية تعنى بالأطفال ذوي التأخر النمائي، كواحد من النماذج اللافتة على مستوى المحافظة الذي افتتح مؤخراً، بالتعاون بين مديرية صحة اللاذقية ومنظمة اليونيسف، وبدعم وإشراف من وزارة الصحة.
وفي تصريحها لصحيفتنا “الحرية” بينت الدكتورة منال حسن اختصاصية طب أسرة ورئيسة مركز “أنا وطفلي”، أن المركز استقبل ما يقارب 30 طفلاً حتى الآن، وحالاتهم تتنوع بين صعوبات في النطق، التوحد، ومتلازمة داون، ويخدم المركز الأطفال من عمر سنتين حتى تسع سنوات، عبر برامج تأهيلية ممنهجة وكادر متخصص مدرب.
برامج متخصصة ومسارات علاجية مدروسة
وأشارت حسن إلى أن العمل يتم ضمن ثلاثة صفوف تعليمية متخصصة، صف “بورتج”: مخصص لأطفال متلازمة داون، ضمور الدماغ، والإعاقات المتعددة، صف التوحد: يعنى بالأطفال ضمن طيف التوحد، صف النطق: يشمل الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النطق، ومنهم من يستخدم سماعات أو خضع لزراعة حلزون.
وأضافت: إن الأساليب المعتمدة ترتكز على وسائل تعليمية تفاعلية وآمنة، منها الأدوات الحسية والحركية كتطابق الألوان والأشكال، وتستخدم وفق خطة تدريب فردية لكل طفل، بحيث تخدم الأداة الواحدة أكثر من هدف حسب الاحتياج.
ولفتت حسن قائلة: نحرص على أن تكون كل جلسة مصممة لتلائم خصوصية كل حالة، مستخدمين أدوات متعددة تساعد الطفل على التفاعل والتطور بشكل إيجابي.
رؤية مستدامة وخطط مستقبلية
من جهته أوضح مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة اللاذقية عمر جندي، في تصريحه لـ”الحرية” أن مركز “أنا وطفلي” يمثل نموذجاً وخطوة مهمة في مجال رعاية التأخر النمائي، وهناك رؤية مستقبلية لتوسيع هذه التجربة في مناطق أخرى ضمن المحافظة، حسب توافر الموارد.
وأشار إلى تخصيص الطابق الثالث من مركز الرمل الشمالي الصحي بالكامل لحالات التأخر النمائي، بينما تتوفر في الطوابق الأخرى خدمات طبية متنوعة مثل العيادات السنية والنسائية والداخلية.
انطباعات إيجابية من الأهالي
أعرب عدد من الأهالي ممن التقتهم صحيفة “الحرية” عن رضاهم الكبير عن الخدمات المقدمة، مشيدين بالكادر المؤهل والأسلوب الإنساني في التعامل مع الأطفال، وبيّن آخرون أنهم لاحظوا تحسناً في تجاوب أبنائهم بعد فترة قصيرة من بدء الجلسات، واكدوا على أهمية وجود مركز متخصص ومجاني يخفف عنهم العبء النفسي والمادي، ويوفر بيئة داعمة وآمنة لأطفالهم، وأملوا أن تنتشر هكذا مراكز ليتمكن أكبر عدد من الأهالي بعلاج أطفالهم.
بين الواقع والطموح
“أنا وطفلي” ليس مجرد مركز، بل هو رسالة واضحة بأن الدعم المبكر يصنع الفرق، وأن رعاية الطفولة ليست ترفاً بل ضرورة، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها الأطفال ذوو الاحتياجات النمائية وأسرهم، من خلال بيئة علاجية آمنة، كادر مؤهل، وتعاون مؤسساتي جاد، يقدم هذا المركز فرصة حقيقية للتغيير، ليس فقط في حياة الأطفال، بل في وعي المجتمع ككل.