أن نصل متأخرين أفضل من عدمه..!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- سامي عيسى:

سمعنا الكثير عن إصلاح الصناعة الوطنية خلال السنوات السابقة، أحاديث رسمية، واستراتيجيات كثيرة، ومصفوفات تحمل مذكرات فيها أيضاً الكثير من الإجراءات المقترح تطبيقها، سواء على صعيد الكل الصناعي، أم على المستوى القطاعي، وكل ذلك كأنه شريط ذكريات، ومحطات” سوالف” يذكرها أهلها فقط، والقائمون على ترجمتها شكلاً، دون تنفيذ يذكر، إلى أن بقيت مذكرات وذكريات للاستئناس بها وقت اللزوم ..!
وللأمانة تم تنفيذ القليل منها، لكنها لم تحرك المطلوب على مستوى الكل الصناعي، وهذا التنفيذ رافقه حسن نيات في التطبيق لبعض مسؤوليها، لكن المطلوب أكبر بكثير، لأسباب كثيرة، الأزمة وسنوات الحرب التي عاشها بلدنا وحصار اقتصادي وعقوبات، جاءت لتزيد  تعقيدات نمو الصناعة الوطنية.
وبالتالي هذه التعقيدات تحتاج حلولاً سريعة، انطلاقاً من رؤية صحيحة تعتمدها الحكومة اليوم ممثلة بوزارة الاقتصاد والصناعة، لا تفتح المجال لمزيد من التأويل وتقديم التفسيرات المثيرة للجدل، (كما حصل في السابق)، بل تحمل تفسيرات بناءة وعملية، يمكن من خلالها إعادة بناء ما دمرته الحرب وفق استراتيجية تتماشى مع الإمكانات المتاحة، وتحديد أولويات كل مرحلة، بما تفرضه معطيات الظرف القائم، لأن كل نوع صناعي يحتاج لمكونات ومقومات خاصة به.
وبالتالي تنفيذ ذلك وترجمته على أرض الواقع، يحتاج لحركة تشخيص واضحة وصريحة للواقع الصناعي كما هو، دون تضليل، وتحديد كل أمراضه السابقة والحالية، بقصد إيجاد الدواء المناسب، لا أن نختبئ وراء معطيات مزيفة، أو ما يسمى تعقيدات العمل، التي كانت تفرضها الإدارات والجهات المنفذة، كما حصل سابقاً في معظم مفاصل العمل الصناعي، وبالتالي هذه أخطر الأمراض التي تعاني منها الصناعة، إلى جانب جملة من الأمراض خلفتها حرب السنوات الماضية وخروج آلاف المنشٱت والورش الصناعية، وفقدان مصادر المواد الأولية، ونقص كبير في حوامل الطاقة، ناهيك بصعوبات الموارد المالية، ولكن دون أن ننسى العقوبات الاقتصادية والحصار سابقاً، وما نجم عنه من صعوبة في فتح الاعتمادات وضعف التصدير، وعدم استقرار أسعار الصرف، مقابل عملتنا الوطنية، ناهيك أيضاً بمشكلات أخرى تتعلق بقضايا فنية وتقنية تحتاجها الصناعة الوطنية..!
على كل حال ما ذكرناه ليس بالجديد، بل هو معلوم ويشكل حالة شمولية لمضمون كل الاستراتيجيات والمصفوفات، التي وضعت سابقاً، والتي وضعت الحلول وطرق تنفيذها، ولو طبقت بالفعل على جزئيات متتابعة خلال السنوات الماضية، لكانت الصناعة الوطنية اليوم في أوج ازدهارها، لكن القاسم المشترك الذي كان يجمعها هو عدم الرغبة في التنفيذ وتموضعها في أدرج الطاولات، والكل ينادي بتطوير القطاع العام الصناعي، وتأمين مستلزماته، وهذه المناداة تحمل الكثير من حالات تزييف للواقع وضحك على اللحى..؟!
كل ذلك يضعنا أمام خيار واحد، يلزمنا جميعاً بتحقيق الرعاية الكاملة” للصناعة الوطنية” ببعديها العام والخاص، والسؤال هنا: هل سنشهد خلال المرحلة الحالية توجهات فعلية، لإنقاذ ما تبقى من الجسم الصناعي الوطني، وتستفيد الحكومة الحالية من خبرات ما تبقى من الكفاءات العلمية الصناعية..؟!
مجرد البدء بالتنفيذ هو أولى خطوات الترجمة، ووصولنا متأخرين خير من ألا نصل أبداً..؟

Issa.samy68@gmail.com

Leave a Comment
آخر الأخبار