تُحضّرها النساء ويطهوها الرجال.. أكلة “البجارية” إحدى أهم الأكلات الشعبيّة في الشرق السوري

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرّية – عثمان الخلف:
تُعد أكلة “البجارية” واحدة من أهم الأكلات الشعبية في محافظة دير الزور، وهي القاسم المشترك لأي مناسبة في المحافظة بأكملها، ولعل اللافت هنا أن تحضيرها يتم من قبل النساء، فيما مهمة طهوها تعود للرجال الذين يتولون الأمر بالكامل.

 

يطهوها الرجال

الباحث في التراث، المهندس غسان الخفاجي، أشار في حديث لصحيفتنا “الحرّية” إلى أن تسمية “البجارية” تُنسب لقبيلة “البقارة”، إحدى العشائر العربيّة الكبيرة في الشرق السوري، ولها امتدادات في العراق وتركيا، وتشتهر بها المحافظات الشرقيّة (دير الزور، الحسكة، الرقة)، إضافةً إلى أبناء القبيلة في محافظات حلب وحماة وإدلب.
وأضاف: “تُقدَّم هذه الأكلة في مختلف المناسبات، سواء في الأفراح أو الأتراح، وخصوصاً في مناطق ريف المحافظة، أما في المدن فهي أقل انتشاراً. وهي لحم الخراف والأغنام المُقطّع، والمطبوخ بالسمن العربي حصراً، ويوضع بعد طهوه على عددٍ من أرغفة الخبز، ضمن صوانٍ بأحجام مختلفة، وغالباً تكون في مناسبات الأفراح كبيرة، كما في الأعراس ودعوات الصلح العشائري، حيث تُشرف النساء على عمليات تقطيع اللحم وما يرتبط بذلك، فيما تعود عملية الطبخ للرجال في حالة طقسٍ جماعي، كما تُطبخ في أيام الجُمع، حيث يجتمع الأهل في بيت العائلة الأكبر، أو عند دعوة ضيوف”.
وأكد الخفاجي أن “البجارية” لا يزال لها حضور رغم مُتغيرات الحياة، لما يُضفيه تحضيرها من روح جماعيّة، ولاسيما في الأفراح بالأرياف، وإن زاحمتها أكلات أخرى تشتهر بها دير الزور، مثل الكباب والكبسة والفروج المشوي.

طريقة تحضيرها

وتُبيّن السيدة صبحة الحجي أن “البجارية” إحدى الأكلات المشهورة والمحببة كثيراً للنفوس عند أهالي دير الزور.
وعن طريقة تحضيرها تُتابع: “إن طريقة تحضيرها بسيطة، حيث يتم غسل اللحم بالماء قبل طهوه، ثم يتم وضعه في قدرٍ كبير حسب كمية اللحم، ثم يُضاف إليه الماء طبعاً مع إضافة البصل والملح وورق الغار والفلفل الأحمر والقرنفل والقرفة لإضفاء نكهة خاصة للطعام، وبعد أن يجهز يتم سكبه في المناسف التي يوضع فيها خبز التنور”.

روح الجماعة

يُضفي تجهيز وطبخ أكلة “البجارية” روحاً جماعيّة، كما في الأعراس بالأرياف، ويترافق ذلك مع ما يجود به الرجال من مواويل وأهازيج. أيضاً تحضر في الدعوات العامة، كما يلفت الشيخ عبد الكريم الغنام ويقول: “هي أكلة، إن صح التعبير، جامعة، وإن نُسبت لقبيلة البقارة، غير أن كافة عشائر الشرق السوري وجواره يحرصون على تحضيرها في مناسباتهم، وتغلب في المناسبات العامة أكثر، سواء في الأفراح أو الأتراح، ودوماً في دعوات كهذه يحضر المئات من الناس، والعدد يختلف مع كل مناسبة”.
فيما يُشير خضر الموسى إلى أن الأمر هنا يتجاوز مسألة الطعام إلى التداول بأمور العشيرة وهمومها، وصولاً إلى الشأن العام وقضاياه، كما يتم تحضيرها في مناسبات الصلح بين المتخاصمين، أكان بين أبناء العشيرة الواحدة، أو بين فردٍ من أفرادها وآخر من عشيرة أخرى، وفي مثل هذه الحالات يتكفل ميسورو الحال من العشيرة بشراء الذبائح ومستلزمات الأكلة.

Leave a Comment
آخر الأخبار