الحرية ـ سامر اللمع:
من حين لآخر, يتكشف المزيد من المخططات الإسرائيلية ـ الأمريكية لتهجير سكان غزة وتحويل القطاع إلى وجهة سياحية عالمية باسم «ريفييرا الشرق الأوسط»، وفقاً لرؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تركز على إخلاء القطاع بالكامل من سكانه تمهيداً لإعادة تشكيله عمرانياً واقتصادياً.
جديد هذه المخططات, ما كشفت عنه صحيفة «فايننشال تايمز» الأمريكية في تحقيق جديد يشير إلى أن مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، إحدى أكبر شركات الاستشارات العالمية، أعدّت نموذجاً لخطة تهدف إلى نقل الفلسطينيين من قطاع غزة، وذلك في إطار مشروع مساعدات مثير للجدل تدعمه الولايات المتحدة و«إسرائيل».
ووفقاً للتحقيق، فقد طوّرت المجموعة نموذجاً لتقدير تكاليف «إعادة توطين» الفلسطينيين من غزة، وأبرمت عقداً بقيمة ملايين الدولارات لدعم إطلاق برنامج إغاثة في القطاع المدمر.
ورغم مساهمتها في تأسيس «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من واشنطن وتل أبيب، ودعمها شركة أمنية مرتبطة بالمشروع، إلا أن الشركة تنصّلت لاحقاً من المشاركة، وطردت شريكين من موظفيها الشهر الماضي بعد تصاعد الانتقادات ومقتل مئات الفلسطينيين.
وأظهر التحقيق أن دور مجموعة بوسطن الاستشارية في المشروع كان أوسع بكثير مما أُعلن سابقاً، حيث امتد عملها على مدى 7 أشهر، بتكلفة تجاوزت 4 ملايين دولار، وضمّ مناقشات داخلية على أعلى المستويات الإدارية في الشركة، بما في ذلك كبير مسؤولي المخاطر ورئيس قسم التأثير الاجتماعي.
وأفادت الصحيفة بأن المشروع، الذي حمل اسماً رمزياً هو «أورورا»، شارك فيه أكثر من 12 موظفاً من BCG«» بشكل مباشر بين تشرين الأول 2024 وأواخر أيار 2025، وشمل إعداد نموذج مالي لإعادة إعمار غزة بعد الحرب.
وتضمّن هذا النموذج تقديرات لتكاليف تهجير مئات الآلاف من سكان القطاع، وأثر هذا النزوح جماعياً على الاقتصاد.
قدّرت المجموعة في أحد السيناريوهات, أن أكثر من 500 ألف فلسطيني قد يُهجّرون، مع تقديم ما أطلقت عليه اسم «حزم تهجير» قيمتها 9000 دولار لكل فرد، ما يعادل نحو 5 مليارات دولار إجمالاً.
ورغم ذلك، قالت الشركة في بيان إنها تنصّلت من المشروع، مشيرة إلى أن الشركاء المسؤولين عنه «ضُلّلوا مراراً بشأن نطاق العمل».
وأضافت: «تم رفض المشروع من قِبل الشريك الرئيسي رفضاً قاطعاً، وقد خالف التوجيهات؛ نحن نتنصل من هذا العمل».
وذكرت الصحيفة أن «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي تساعد في تنفيذ المشروع، تُدير 4 مواقع توزيع في غزة تعمل خارج الأطر الإنسانية التقليدية، حيث يشرف عليها متعاقدون أمنيون أمريكيون خاصون وتحرسها القوات الإسرائيلية، بزعم منع وصول المساعدات إلى حماس.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت الأسبوع الماضي عن تخصيص 30 مليون دولار لدعم هذه المؤسسة، التي بقي تمويلها محاطاً بسرية تامة حتى الآن.
في المقابل، وصفت الأمم المتحدة «مؤسسة غزة الإنسانية» بأنها «غطاء لأهداف الحرب الإسرائيلية»، ورفضت المنظمات الإنسانية الدولية التعاون معها.
ومنذ انطلاق المؤسسة في أيار 2025، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 600 فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات، بحسب وزارة الصحة في غزة.
كما نقلت الصحيفة عن 9 مصادر مطلعة أن بوسطن الاستشارية، التي تُعد من أكثر الشركات شهرة في مجال الاستشارات، تورطت على نحو عميق في مخطط دعمه البيت الأبيض لكنه قوبل بإدانة دولية واسعة.