الحرية- باسم المحمد:
تتكشف يوماً بعد يوم خيوط الرؤية الاقتصادية للدولة السورية مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانتصار الثورة والتحرير المجيد.
هذه الأيام يمكن وصف المواطن السوري بأنه على عجلة من أمره، وهذا حقه بعد عقود من الاستغلال والاستعباد، فاستمرت شكواه من الظروف الاقتصادية وتزايد الضغوط المعيشية خلال الأشهر الماضية، فهو يرى من زاويته ومصلحته ومصلحة عائلته أو منشأته أو تجارته.
الدولة أعلنت منذ الأيام الأولى عن توجهاتها في تحرير الاقتصاد والعمل على بنائه وفق أحدث التوجهات العالمية، لضمان الاندماج في الاقتصاد الدولي، وزيادة إنتاجية القطاعات وتنافسيتها محلياً وإقليمياً، كما تعهدت بتطوير الواقع الخدمي والارتقاء به إلى ما تستحقه تضحيات الشعب وصبره.
العقبة الأولى التي واجهها المسؤولون التنفيذيون بعد التحرير على الصعيد الداخلي، كانت أنهم دخلوا إلى مؤسسات تشبه كل شيء إلا الهياكل الإدارية القائمة حتى في أكثر الدول فقراً وتخلفاً، من انتشار الفساد والفوضى، وغياب الخطط والتنسيق، وأدنى معايير الحوكمة.
فانطلقت ورشات عمل جبارة في مختلف القطاعات الحكومية والمنظمات الشعبية، لدراسة قوانينها وتغيير هيكليتها “البائدة”، وسبر الموارد البشرية والمباشرة في تدريبها وتأهيلها لمتطلبات المرحلة القادمة القائمة على معايير الشفافية والكفاءة والمحاسبة بما يضمن العمل الرشيد فيها.
وعلى الصعيد الخارجي، لم تهدأ الدبلوماسية السورية لرفع العقوبات وتحويل البلد من نقطة توتر في المنطقة والعالم، إلى محور أساسي في السلام والتنمية الاقتصادية، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام الاستثمار المحلي والدولي.
ومن أول قطرات الغيث في إعادة هيكلة الاقتصاد السوري كانت بعد الزيادات المجزية (والمستمرة) للرواتب والأجور، تعديل أسعار الطاقة بما يزيد من كفاءتها ويحسن إنتاجيتها، فتم رفع أسعار الكهرباء تجنباً لانهيار بناها التحتية، وبعد أيام تم تخفيض أسعار المحروقات لتخفيف الضغط على المواطن وعلى الاقتصاد بشكل عام.
الأمر المتوقع هو أن تحمل قادمات الأيام الكثير من حصاد مثمر لنتائج عام من العمل الدؤوب، فالأجهزة الحكومية ترى المشهد من أعلى الطاولة، وتعلم باستعجال المواطن وتستقبل انتقاداته بمزيد من العمل البناء.
يبقى الأمل قائماً بأن يشهد المواطن السوري خلال المرحلة القادمة ثمار العمل الحكومي المتواصل، سواء في تحسين الدخل، أو تطوير الخدمات، أو توفير فرص استثمار وتشغيل جديدة.
ومع استمرار الحراك الاقتصادي والإداري، تمضي سوريا بخطا ثابتة نحو مستقبلٍ يليق بتضحيات أبنائها وصبرهم الطويل.