إجراء مهم لـ”ترشيق” مؤسسات الدولة.. وخبراء يوصون بالتأنّي

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحريّة – ميليا اسبر:

أثار قرار فصل بعض العاملين من وظائفهم العامة وإعطاء البعض الآخر إجازة مأجورة لمدة ثلاثة أشهر حالة من الاستياء، وأيضاً الخوف والقلق من أن يخسروا مصدر دخلهم بشكل نهائي، وتالياً يشكل تهديداً لحياتهم المعيشية، ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

جوانب عديدة
الدكتور زكوان قريط اختصاص تنمية موارد بشرية، أكد في تصريح خاص لصحيفة  الحريّة أن هذا الموضوع متشعب وله  جوانب عدة ، فمن الجانب الإداري سابقاً كان يوجد ترهل إداري كبير و بطالة مقنعة كبيرة ، وهناك موظفون مسجلون على رأس عملهم وفي الحقيقة هم ليسوا كذلك، لافتاً إلى أن موضوع ترشيق المنظمات وتحديد العمل لكل من يؤدي الوظيفة المهمة المطلوبة منه ضمن ما هو موثق فيه ( مكان العمل وتكليف العمل وعبء العمل) ، فهذا الشيء سوف يؤدي إلى وجود أعداد كبيرة من الموظفين خارج المنظومة، وقد يعودون لاحقاً لها، ولكن بنسب محددة، لأن ذلك يمكن أن يكون بدء عملية جرد وتحديد الاحتياجات في كل القطاعات.
وأوضح أن هناك قطاعات عامة يمكن خصخصتها ، علماً أن هذا الموضوع لن يرضي الموظفين المحالين إلى خارج العمل أو من هم بحكم المستقيل ، لأن ذلك يؤثر على دخلهم وسوف يتجهون للقطاع الخاص إذا كانت أعمارهم تسمح بذلك، أما إذا لم تكن أعمارهم تسمح، فيمكن أن يقدموا استقالتهم ويحالوا للتقاعد .

يحتاج إلى تأنٍ

و من وجهة نظره الشخصية، يرى د. قريط  أن هذا الموضوع تم بسرعة كبيرة ، وكان يحتاج إلى مزيد من التأني  من ذلك، حيث كان من الممكن البدء تدريجياً بقطاع ثم قطاع آخر ، لكن كان توجه الحكومة الانتقالية أنه يجب إجراء جرد لكل الموظفين في سورية من أجل معرفة كتلة الرواتب والأجور، لأن هناك أموراً متعلقة بالناحية المالية، لذلك فإن موضوع إعادة هيكلة الوظيفة العامة مهم جداً، وحتى قانون العاملين يحتاج إلى تغيير، و كذلك قانون الخدمة العامة، كل هذه المواضيع شائكة، وحالياً ارتأت الحكومة الاستغناء عنهم.
مضيفاً : من هنا نقول إنه كان بالإمكان تأجيله حتى تتضح الظروف أكثر، وبعد ذلك يمكن إجراء عملية إعادة توزيع وهيكلة لهم، بحيث إن القطاعات الخاسرة يمكن توزيع موظفيها حسب اختصاصاتهم على قطاعات أخرى وهكذا .

ترشيق المؤسسات
وبين د. قريط أن هذا الموضوع من الناحية الإدارية، سوف يؤدي إلى ترشيق المؤسسات ورفع كفاءتها،
و لاسيما في بعض القطاعات العامة، أما بعض مؤسسات القطاع العام التي يمكن خصخصتها، فيمكن الاتفاق مع صاحب العمل الجديد أن يبقي هؤلاء الموظفين على رأس عملهم، ويتم تقييهم من قبله، أي من المالك الجديد للشركة.

فساد واحتيال
بدوره، دكتور الاقتصاد عابد فضلية، أشار في تصريح خاص لصحيفة  الحريّة إلى أن تصريحات بعض أعضاء الحكومة الحالية بأن قوائم أسماء العاملين في الدولة الذين يتقاضون رواتب شهرية، تتضمن حوالي مليون و 300 ألف موظف، منهم حوالي (400) ألف موظفون بالاسم ولا يشتغلون على أرض الواقع، إضافة إلى ذلك هناك العشرات منهم ومن الـ(900) ألف الآخرين يتقاضون أكثر من راتب،لافتاً إلى أن المشكلة تتمثل بوجود فساد واحتيال على مؤسسات الدولة، وبالتالي فإننا لسنا بصدد مشكلة فصل موظفين، بل أمام حالة فساد وظيفي، لا بد من معالجتها بـشطب أسماء الـ(400) ألف ممن يقبضون ولا يعملون، وشطب الرواتب الزائدة من بين الـ(900) ألف الآخرين .

كل حالة على حده
وأوضح د. فضلية أن شطب (فصل) هؤلاء الـ(400) ألف، هو حق وإجراء لازم، ولكن، نرى  كمرحلة أولى أن يتم النظر بكل حالة على حده قبل الفصل، بحيث تتم دراسة ما إذا كان ممكناً تشغيل البعض من هؤلاء الذين يقبضون رواتب ولا يشتغلون، ومن ثم فصل الباقي، ومعاقبة المسؤولين عن حالة الفساد هذه.
عدا ذلك، فلا شك أن الفصل الفوري الكلي أو الجزئي، بعد تشغيل البعض، سيؤثر حتماً على معيشة العشرات من العائلات التي سيخرج معيلوها من سوق العمل ما لم يسعى هؤلاء إلى إيجاد فرص عمل في أي مجال يجيدون العمل فيه.
من جهة أخرى، لا شك بأن حرمان العشرات من الموظفين وعائلاتهم من مصادر الدخل، لأي سبب كان، عدا عن الآثار السلبية على مستوى المعيشة، سيؤثر سلباً على حجم الطلب الفعال في السوق، الأمر الذي يعني حجماً أقل من الإنتاج، وانخفاض الحاجة للعمالة.

وفي الختام، اقترح د. فضلية منح قرض من دون فوائد للموظفين الذين سيتم فصلهم فصلاً نهائياً ، يعادل رواتب 3 أشهر على الأقل، مع فترة سماح 6 أشهر للبدء بتسديد أقساط هذه القروض.

Leave a Comment
آخر الأخبار