إدارة النفايات الصلبة في اللاذقية.. بين الواقع الحالي وآفاق الحلول المستقبلية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

أكد الدكتور علي محمد، اختصاصي الكيمياء البيئية، أن العديد من مناطق محافظة اللاذقية تعاني من تراكم واضح للنفايات داخل الحاويات وعلى جوانب الطرق، مبيناً أن أسلوب الجمع الحالي يعتمد على نقل النفايات إلى مكبّات غالباً ما تكون عشوائية، في ظل غياب نظام فعلي لفرز النفايات من المصدر سواء في المنازل أو المؤسسات أو المشافي، مشيراً إلى أن المشكلة لم تعد محصورة بالجانب الخدمي فحسب، بل تحولت إلى تحدٍّ بيئي يستدعي حلولاً مستدامة لا تقتصر على المعالجات الطارئة.

التحديات الرئيسية

وأوضح الدكتور محمد لـ «الحرية» أن هذا النقص في فرز النفايات يحرم محافظة اللاذقية من إمكانية الاستفادة من المواد القابلة للتدوير ويزيد الضغط على المكبّات، بينما تبقى طريقة الطمر هي الأساس في المعالجة رغم كونها تُستخدم في مواقع غير مهيأة بالشكل الصحي المطلوب.

وبيّن الدكتور محمد أن التحديات المالية واللوجستية تشكّل جانباً رئيسياً من المشكلة، بدءاً من نقص التمويل المخصص لقطاع النظافة، مروراً بقِدم أسطول الشاحنات والمعدات، ووصولاً إلى ارتفاع تكلفة التشغيل من وقود ورواتب.

وأضاف إن الجانب التشغيلي لا يقل صعوبة، إذ تعاني بعض المناطق من نقص في عدد الحاويات وسوء في توزيعها، إضافة إلى البنية التحتية الضعيفة للمكبّات وغياب مكبّات صحية مطابقة للمعايير البيئية، فضلاً عن غياب خطة استراتيجية شاملة لإدارة النفايات.

ولفت إلى أن التحديات المجتمعية تزيد الوضع تعقيداً، نظراً لضعف الوعي البيئي لدى شريحة من المواطنين، بالإضافة إلى اعتماد ممارسات خاطئة أبرزها الحرق العشوائي الذي يسبب انبعاثات ضارة تؤثر في جودة الهواء وتلوّث التربة والمياه الجوفية.

آفاق الحلول والتوصيات

وفي سياق الحلول أوضح الدكتور محمد أن الإجراءات قصيرة المدى تتطلب تعزيز أسطول النقل عبر إصلاح الشاحنات المتضررة أو استئجار أخرى لضمان استمرارية الجمع، إلى جانب زيادة الحاويات وتوزيعها بشكل متوازن في الأحياء والمناطق الريفية، وأكد ضرورة اعتماد جداول منتظمة ومكثفة لجمع النفايات، خصوصاً في فصل الصيف، بالتوازي مع تأهيل المكبّات الحالية واختيار مواقع مؤقتة بعيدة عن التجمعات السكنية واعتماد أساليب طمر صحية قدر الإمكان.

أما على المدى المتوسط والبعيد، فأشار الدكتور محمد إلى أهمية تفعيل نظام الفرز من المصدر عبر حملات توعية وتوفير حاويات ملوّنة تساعد في فصل النفايات العضوية عن البلاستيك والورق والمعادن والزجاج، مبيناً أن هذه الخطوة ستفتح المجال أمام فرص عمل جديدة من خلال جمع المواد القابلة للتدوير.

ودعا إلى تنظيم عمل النباشين وإدماجهم ضمن مشاريع صغيرة بالشراكة مع القطاع الخاص، إضافة إلى استقطاب استثمارات لإنشاء مراكز فرز ومعامل إعادة تدوير.

تشجيع إعادة تدوير النفايات..

كما أوضح أن نسبة كبيرة من نفايات اللاذقية هي نفايات عضوية، ما يجعل إنتاج السماد خياراً عملياً، ريثما تتوفر تقنيات أكثر تقدماً مستقبلاً، مثل تحويل النفايات إلى طاقة في منشآت مخصصة مزوّدة بأنظمة دقيقة لمراقبة الانبعاثات.

وشدّد في الجانب التشريعي على ضرورة إصدار قوانين تشجع على إعادة التدوير وتُلزم المؤسسات الكبرى بالفرز، إلى جانب إدماج التوعية البيئية في المناهج الدراسية.

وفي ختام حديثه أكد الدكتور محمد أن أزمة النفايات في اللاذقية قابلة للحل، لكنها تحتاج إلى إدارة فعّالة ورؤية استراتيجية، إضافة إلى استثمار حقيقي في البنية التحتية، مع دور محوري للمجتمع. وبرأيه، فإن الانطلاق من خطوات بسيطة ومنخفضة التكلفة، مثل التوعية والفرز من المصدر وإعادة التدوير، قد يشكّل نقطة تحول نحو تحويل المشكلة إلى فرصة لحماية البيئة وتعزيز الصحة العامة وخلق فرص عمل جديدة.

Leave a Comment
آخر الأخبار