الحرية – متابعة :
أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا أن ما خلّفه النظام البائد لم يقتصر على ما ارتكبه بحق أبناء الشعب من قتلٍ وتهجير وتعذيب، بل تجاوز ذلك إلى تحويل الإجراءات الإدارية والقانونية – التي تُعد في الدول أدوات لتنظيم شؤون المواطنين وضمان سير حياتهم – إلى وسائل عقابية وانتقامية استهدفت السوريين كافة بلا تمييز.
وأوضح البابا خلال مؤتمر صحفي عقده في دمشق أن من أبرز تلك الانتهاكات وضع ملايين المواطنين على قوائم منع السفر وتجريد عشرات الآلاف من حقوقهم المدنية والقانونية، بالاعتماد على قواعد بيانات متقادمة تقنياً وناقصة من حيث الدقة، ترتبط بملفات حساسة لا يمكن تجاوزها دفعة واحدة نظراً لتداخلها مع قواعد بيانات المطلوبين سابقاً لدى الأفرع الأمنية المنحلة والوزارات الملغاة.
إجراءات تمس حياة المواطنين
وأشار المتحدث باسم الداخلية إلى أن هذه الانتهاكات انعكست على مجالات حيوية مثل إصدار الجوازات، تسجيل حركات المسافرين، التصاريح الأمنية، الإقامات، الشؤون المدنية، البعثات الدبلوماسية، إضافة إلى الإجراءات المالية ذات الصلة، ما تسبب بأعباء جسيمة على حياة المواطنين والوافدين.
جهود المعالجة
وكشف البابا أنه منذ يوم التحرير، باشرت الوزارة العمل على معالجة هذه المعضلة الوطنية عبر تعاون إدارات الهجرة والجوازات، الشؤون المدنية، المباحث الجنائية، مكافحة الإرهاب والمخدرات، بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات العامة ووزارتي الدفاع والعدل.
وبيّن البابا أن الوزارة تعاملت منذ شباط الماضي مع نحو 8.3 ملايين حالة منع سفر، وتمكنت من إزالة حوالي خمسة ملايين حالة موزعة على 14 بنداً رئيسياً و129 بنداً فرعياً.
الحالات المتبقية
الحالات التي ما زالت قيد المعالجة تشمل:
– العاملين في مؤسسات الدولة (نحو 1.15 مليون شخص) الذين تجرى دراسة أوضاعهم.
– المنتسبين للجهات الأمنية والعسكرية المشتبه بتورطهم بجرائم.
– المشمولين بنشرات شرطية نتيجة مخالفات أو قضايا جنائية.
– الأشخاص الخاضعين لمنع مغادرة لصالح وزارة المالية.
تحديات إضافية
وأوضح البابا أن عملية التنقية تتعقّد بسبب مئات آلاف الحالات العبثية التي خلّفها النظام السابق، مثل تسجيل أسماء عشوائية لأغراض تجريب البرامج أو التدريب، إضافة إلى آلاف الأسماء غير المستوفية للبيانات، بينها نحو 50 ألف اسم مسجّل بجانبها وصف “جنسية غير معروفة”.
وعود الوزارة
وأكد المتحدث أن الوزارة تدرك حجم معاناة المواطنين جراء هذه الإجراءات، وتشكرهم على صبرهم وتعاونهم، مشدداً على أن العمل جارٍ بعزم لإزالة آثار تلك المرحلة المظلمة وتهيئة بيئة إدارية عصرية ضمن مسار التحول الرقمي.
وأضاف: “خلال أشهر قليلة سنكون قد أنجزنا هذا الملف بالكامل، بما يضمن حقوق المواطنين ويسهّل شؤون حياتهم”.
التفريق بين التهم
وفي رده على سؤال حول كيفية التفريق بين مرتكب الجناية والمتهم بها، أوضح البابا أن النظام السابق كان يضيف تهماً جنائية إلى التهم السياسية لتغييب الحقائق، مؤكداً أن الوزارة تُغلّب الجانب السياسي عند وجود تداخل بين التهم، بينما تُعامل الحالات الجنائية وفق الإجراءات القانونية اللازمة.