الحرية- إلهام عثمان:
لطالما تميزت البيوت الدمشقية القديمة برونقها الخاص، والمساحات الكبيرة، وأسقفها المرتفعة، إلا أن ما يميزها على الإطلاق نباتات الزينة التي تلتف في زوايا تلك البيوت كسوار لافت في معصم حورية، فما إن تتخطى عتبة تلك المنازل، حتى يعتريك شعور بالراحة والسكينة والدفء، لتعزلك بسحرها عن فوضى وتلوث العالم الخارجي.
ومع العمران الحديث وتغير شكله من ضيق في المساحات تارة، وعدم توفر بيئة صحية للبنايات تارة أخرى، جعل عشاقها يفضلون النباتات الأكثر تكيفاً وتفضيلاً وهي نباتات الظل.
شريف: جو الغرف أكثر تلوثاً من الجو الخارجي بحوالي عشرة أضعاف!
فوائد نباتات الزينة المنزلية
الاختصاصي في الطب النباتي والأعشاب الطبية وعلم التغذية والعضو في منظمة التغذية العالمية، الدكتور ناصر شريف من خلال حواره مع “الحرية”، بين أن لنباتات الزينة الداخلية فوائد بيئية وصحية مهمة، كإزالة الغازات السامة وتنقية الهواء.
كما تُعتبر جودة الهواء داخل المنازل من العوامل الحيوية لصحة الإنسان، نظراً لقضاء الكثير من الوقت داخلها، وهنا تواجه أجهزة تنقية الهواء التقليدية تحديات عدة، أهمها التكاليف المرتفعة، وتتطلب صيانة دورية، وتستهلك الطاقة، ومع ذلك، لا تحقق دائماً النتائج المرجوة في تقليل الملوثات الكيميائية، في هذا السياق، يُبرز الاعتماد على نباتات الظل كحلٍ طبيعي فعّال في تحسين جودة الهواء.
إثباتات علمية
ووفق ما أثبتته بعض الأبحاث العلمية الحديثة، والكلام لـ”شريف”، فإن جو الغرف أكثر تلوثاً من الجو الخارجي بحوالي عشرة أضعاف!، لوجود ارتباط وثيق بين المشاكل الصحية المستعصية والحساسية وبين تلوث الهواء الداخلي حيث ترتفع نسبة ثاني أكسيد الكربون.
كما أثبت علماء NASA، وكالة الفضاء الأمريكية، أن النباتات الداخلية هي أفضل فلاتر للملوثات الشائعة مثل: الأمونيا، والفورمالداهايد، والبنزين، ويوجد حوالي 300 مادة عضوية متطايرة في هواء المكاتب والمنازل، ناتجة من الأثاث، ومواد البناء، والمنظفات المنزلية، والأدوات المكتبية (آلات التصوير مثلاً)، ومعطرات الهواء، والمبيدات.. إلخ.
كما تساعد أنظمة التكييف المغلقة على تركيز تلك الملوثات، ما ينتج عنه الإصابة بما يعرف بـ Sick Building Syndrome أو ما يسمى بمتلازمة البيت المريض، ومن أعراضها: حساسية وحكة في العين وصداع ودوار وإجهاد عصبي، ومشاكل في الجهاز العصبي وبعض أنواع الاحتقانات.
وفي النرويج وجدت الدكتورة Tove Fjeld في كلية الزراعة في أوسلو أن النباتات تخفف من الاعتلالات الجسدية المرتبطة بمتلازمة البيت المريض حسب النسب التالية: الاعتلال نسبة التحسن التعب 20%، الصداع 30%، ألم وجفاف الحلق 30%، سعال 40%، جفاف جلد الوجه 25%، سعادة 84%.
أهمية النباتات
وهنا أكد شريف أهمية تربية النباتات المنزلية نظراً لأهميتها، ومن أشهرها الفورمالداهايد، ووالترايكلوروإيثيلين، ومن أشهر النباتات في تنقية الجو: دراسينا ماسانجانا Dracaena massangeana، دراسينا مارجيناتا Dracaena marginata، دراسينا دِرمينِسس Dracaena deremensis، فيكس بنجامينا Ficus benjamina، هيديرا Hedera helix أو حبل المساكين، أجلونيما Aglaonema، أقحوان Chrysanthemum، نخيل شاميدوريا Chamaedorea نخيل الظل المروحي، الأشرعة البيضاء Spathiphylum، جلد النمر Sansevieria أو السجادة، العنكبوت Chlorophytum، فيلودندرون Philodendron ، بوتس Epipremnum aureum، إضافة إلى نباتات القفص الصدري والبيغونيا والعطرة الإفريقية واللوتس المصري والكرتون والخبازة المنزلية، وأغلب هذه الأنواع متوفرة لدى المشاتل.
تأثيرها على الأطفال
كما أوضح شريف أنه وفق استنتاج أبحاث Cornell College Human Ecology، فإن البيئة الخضراء تحسن من القدرات العقلية للأطفال، حيث كان الفرق واضحاً بين من يعيشون في بيئة خالية من الحدائق والمسطحات الخضراء وبين من يعيشون في بيئة خضراء.
مبيناً أن المنطقة التي يتنفس فيها الفرد تشغل مساحةً تُقدر بين 0.17 إلى 0.23 م2 مثل مكان الجلوس أو عند الكمبيوتر أو مكان النوم، فيبقى ثاني أكسيد الكربون الناتج من التنفس بها عدة ساعات، وقد أثبتت ناسا أن وجود 15 إلى 20 نبتة يمكنها تنقية هواء مكان مساحته 162م2 (أي نبتة لكل 9 م2)، فإذا وضعنا نبات في منطقة التنفس زادت الرطوبة، وأزيلت الجراثيم والكيماويات السامة، وثبطت الجراثيم الهوائية، فنباتات مثل الفيلودندرون، والعنكبوت، والبلاب تخفف من مستوى الفورمالداهايد في منطقة مغلقة بنسبة 80% خلال 24 ساعة.
فوائد أخرى
ولا تقتصر فوائد النباتات على تنقية الهواء، فهي تفرز مواد في الجو تقضي على الكثير من الجراثيم عموماً والبكتيريا خصوصاً، وهذا ما أثبتته الأبحاث، حيث إن الغرفة المحتوية على النباتات، تكون الجراثيم والبكتيريا فيها أقل بنسبة 50% إلى 60% من الغرف الخالية من النباتات.
كما أن النباتات تخفف من الغبار بنسبة تصل إلى 20%، وتخفف أيضاً من التأثير السلبي للأماكن المغلقة، وتشعر الفرد بالاسترخاء والسعادة لأنها تعكس الطيف الأصفر المخضر.
سليمان: استخدام تربة ذات درجة حموضة تتراوح بين 5 إلى 6.5 لتحقيق أفضل النتائج
كيفية العناية
من جهته أضاف المهندس الزراعي أحمد سليمان: إنه للعناية بنباتات الزينة يجب أن تراعى الإضاءة، حيث تعد الإضاءة عنصراً حيوياً في نجاح زراعة نباتات الظل، إذ تفضل الأوراق الخضراء الضوء الخفيف، بينما تحتاج النباتات الملونة إلى مزيد من الإضاءة، وإنه يجب وضع النباتات في مواقع تحقق توازناً مناسباً بين الضوء والظل.
أما التربة: يجب اختيار تربة ذات سمات جيدة مثل التهوية والتصريف للحرص على صحة الجذور، واستخدام تربة ذات درجة حموضة تتراوح بين 5 إلى 6.5 لتحقيق أفضل النتائج.
وفيما يخص الري: يوصي سليمان بتحديد احتياجات الري بعناية، حيث تختلف من نبات لآخر، وهنا يحذر من عدم إغراق النباتات بالماء، فالتربة الجافة قليلاً تكون أكثر صحة للنباتات.