الحرية – نهلة ابوتك:
أطلق صندوق التنمية السوري عمله ليكون منصة وطنية جامعة تقود مسار الإعمار والتنمية، في مرحلة دقيقة وحساسة من تاريخ البلاد. وجاء إطلاق الصندوق ليمنحه استقلالية مالية وإدارية، تتيح له تمويل مشاريع البنى التحتية وإعادة تأهيل الخدمات الأساسية، إضافة إلى دعم القطاعات الاقتصادية المنتجة.
ويهدف الصندوق إلى تحويل التبرعات والمساهمات من الداخل والخارج إلى مشاريع عملية ملموسة تعيد الحياة إلى المدن والبلدات المتضررة، وتضع قاعدة صلبة لنهوض الاقتصاد الوطني من جديد.
وفي تصريح خاص للحرية، أكد الدكتور علي محمد، الخبير الاقتصادي، أن صندوق التنمية السوري لا يُعد مجرد صندوق مالي تقليدي، بل هو محرك مباشر لعجلة الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستثمار. وأوضح أن دوره يتجلى في إعادة رسم بوصلة الإعمار، بدءاً من إصلاح شبكات المياه والكهرباء والطرق والجسور، وصولاً إلى بناء المساكن ودعم المشاريع الإنتاجية.
وأشار إلى أن أبرز ما يميز الصندوق هو اعتماده صيغة القرض الحسن، أي تقديم قروض بفوائد منخفضة جداً أو ربما بلا فوائد، وهو ما قد يسرّع عملية الإعمار ويدعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر. لكنه شدّد على أن نجاح الصندوق مرهون بوجود هيكلية إدارية واضحة وآليات رقابة دقيقة، تضمن أن تُصرف الأموال في وجهتها الصحيحة، وأن تُتابع المشاريع حتى اكتمالها.
وأضاف الدكتور محمد أن الصندوق ليس مسؤولاً عن مؤشرات الاقتصاد الكبرى مثل التضخم أو سعر الصرف، بل تتمثل مهمته في تأمين التمويل وتنظيمه وتوظيفه في مشاريع الإعمار، وهو ما سينعكس لاحقاً على مجمل المؤشرات عبر تحريك عجلة الإنتاج والاستثمار.
أما مصادر التمويل، فستعتمد على التبرعات والمساهمات الداخلية والخارجية من الأفراد والشركات والمنظمات، مع إمكانية إصدار صكوك مالية تفتح الباب أمام شراكات أوسع. ورأى الخبير الاقتصادي أن هذه المرحلة الأولى من عمل الصندوق ستكون اختباراً حقيقياً لمدى نجاحه في استقطاب التمويل وبناء الثقة المجتمعية.
وشدّد على ضرورة وضع خطة أولويات واضحة تبدأ بإعادة تأهيل البنى التحتية الأساسية كالمياه والكهرباء والطرق والجسور، باعتبارها حجر الأساس للحياة اليومية، ثم الانتقال إلى القطاعات الأخرى كالزراعة والصناعة والعقارات. فالإعمار، برأيه، ليس إعادة بناء الحجر فقط، بل إعادة تدوير دورة الإنتاج الوطني.
وختم الدكتور علي محمد بالقول إن صندوق التنمية السوري هو مبادرة وطنية شاملة تتجاوز كونه مشروعاً حكومياً، لتصبح أداة اقتصادية واجتماعية قادرة على استقطاب الطاقات وتوظيفها في مسار التنمية المستدامة، بما يمنح السوريين أفقاً جديداً للأمل، ويعيد لهم الثقة بأن عودة الحياة ممكنة وقريبة.