الحرية _ رشا عيسى:
يفتح إقرار مجلس الشيوخ الأميركي اليوم الجمعة إلغاء قانون قيصر الذي فرضت بموجبه الولايات المتحدة الأميركية عقوبات واسعة على سوريا منذ عام 2020، أبواباً لقيم مضافة اقتصادية واجتماعية.
ويتعدى القرار كونه مجرد إجراء قانوني، بل “نقطة تحول”، حيث يحول العقوبات من أداة عقاب إلى دافع للاستقرار، ما يوفر قيمة مضافة تصل إلى 10 مليارات دولار في الإيرادات المتوقعة خلال 3 سنوات.
خياط: يوفر قيمة مضافة تصل إلى 10 مليارات دولار في الإيرادات المتوقعة خلال 3 سنوات
ووصف الخبير في السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية والإدارية الدكتور هشام خياط لـ”الحرية” القرار بأنه يمثل “فجراً جديداً” لسوريا، لكنه يتطلب تنفيذاً حذراً لتحقيق الرؤية النهضوية، حيث النجاح يعتمد على الإصلاحات الداخلية، معبراً عن تفاؤله خاصة مع جهود الدبلوماسية السورية والجالية السورية في واشنطن.
القيم المضافة
ويلخص خياط القيم المضافة اقتصادياً واجتماعياً لإلغاء القرار من عدة اتجاهات، أولاً من ناحية التعافي الاقتصادي السريع، ويتوقع أن يؤدي الإلغاء إلى زيادة التدفقات المالية بنسبة 30-50% في السنة الأولى، من خلال إعادة فتح قنوات التجارة مع الولايات المتحدة وأوروبا. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يصل الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) إلى 2-3 مليارات دولار بحلول 2026، خاصة في قطاعات الطاقة والزراعة، ما يعزز الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بنسبة 5-7% سنويًا (بناءً على نماذج “IMF” لدول مشابهة مثل العراق بعد رفع عقوبات 2003).
وثانياً من ناحية تحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية، ما سيقلل من آثار العقوبات على الغذاء (انخفاض أسعار الاستيراد بنسبة 20%) والطاقة (إعادة تشغيل محطات الكهرباء مع شركات أميركية)، ما يرفع مستوى المعيشة لـ90% من السوريين الذين يعانون من الفقر الحاد (حسب UN OCHA 2025) وكالة الشؤون الإنسانية الأممية.
خياط: إعادة فتح قنوات التجارة مع الولايات المتحدة وأوروبا
ثالثاً، تعزيز الثقة المالية والاندماج الدولي ما يمهد لإزالة سوريا من قائمة “الدول الراعية للإرهاب” (إذا استمرت الإصلاحات)، ويتيح عودة الليرة السورية إلى أسواق الصرف الدولية، ويقلل من معدلات الفائدة على الديون إلى أقل من 10%. وهذا يدعم رؤية “النهضة” التي ذكرها حاكم المصرف المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية، خاصة مع الجهود الدبلوماسية التي ساهمت في هذا الإنجاز.
التحديات
ورغم الإيجابيات، يحمل الإلغاء تحديات انتقالية قد تعيق الاستفادة الكاملة إذا لم تُدار بحكمة بناءً على دراسات حالات مشابهة (مثل إيران بعد JCPOA 2015)، وتشمل:
التحديات المالية والتنظيمية، وقد تستغرق إعادة الاندماج في نظام “SWIFT “نظام المدفوعات العالمي 6-12 شهرًا، ما يؤدي إلى فجوة في السيولة النقدية (حوالي 1 مليار دولار). كما أن الديون الخارجية المتراكمة (أكثر من 20 مليار دولار) قد تثير نزاعات مع الدائنين الدوليين.
وهناك تحديات ترتبط بالمخاطر السياسية والأمنية، ومن المحتمل أن يواجه القرار معارضة في مجلس النواب الأميركي، حيث فشل تعديل مشابه في شهر أيلول الفائت، ما يهدد بتأجيل التنفيذ.
وأيضاً التحديات الاجتماعية والبيئية، حيث أن زيادة التجارة قد ترفع التضخم المؤقت بنسبة 15%، وتزيد الضغط على الموارد المائية في مناطق الجفاف، ما يعيق التعافي الاجتماعي لـ6 ملايين نازح داخلياً.
تحويل التحديات إلى فرص
ولتحويل هذه التحديات إلى فرص، اقترح خياط استراتيجية استشارية متعددة المستويات، مبنية على مبادئ الاقتصاد التنموي والحوكمة الجيدة، وتعزيز الاستقرار المالي (قصير الأمد، 3-6 أشهر)، ويُوصى بإصدار سندات حكومية مدعومة دولياً (مثل برنامج IMF Stand-By Arrangement بقيمة 1 مليار دولار) لسد الفجوة النقدية، مع التركيز على تعزيز الاحتياطيات من خلال شراكات إقليمية (تركيا والإمارات).
كما اقترح إنشاء لجنة مشتركة سورية-أميركية لمراقبة الامتثال لمعايير مكافحة غسيل الأموال (FATF)، لتسريع الاندماج في الأسواق العالمية.
وإدارة المخاطر السياسية والأمنية (متوسط الأمد، 6-18 شهرًا) والتعاون مع الولايات المتحدة لتنفيذ “شروط الإفراج” المتبقية من القانون (مثل ضمان حقوق الأقليات)، عبر بروتوكولات أمنية مشتركة. م ايقلل من مخاطر التوترات بنسبة 40%، كما حدث في لبنان بعد رفع عقوبات 2022.
خياط: سيقلل من آثار العقوبات على الغذاء والطاقة
وتجهيز حملة دبلوماسية لدعم الإلغاء في مجلس النواب الأميركي، مستفيدة من دعم السيناتور ويلسون وراند بول، مع التركيز على “الاستثمار في الاستقرار” لجذب 500 مليون دولار من المانحين.
والتركيز على الاستدامة الاجتماعية والبيئية (طويل الأمد، 2-5 سنوات) وتخصيص 20% من الإيرادات الجديدة لبرامج اجتماعية (مثل دعم 2 مليون أسرة سورية)، مع مشاريع بيئية لإعادة تأهيل 100 ألف هكتار زراعي مستدام.
واقترح خياط إطلاق مبادرة وطنية تركز على التدريب المهني لـ500 ألف شاب، لتحويل التحديات إلى نمو شامل بنسبة 8% سنوياً.
خياط: إلغاء” قيصر” يتطلب تنفيذاً حذراً لتحقيق الرؤية النهضوية
وكان مجلس الشيوخ الأميركي ضمّن موازنة وزارة الدفاع، مادةً لإلغاء قانون قيصر. والخطوة التالية تتمثل في مواءمة مجلس النواب (من خلال لجنة مشتركة مع مجلس الشيوخ) لإقرار المادة نفسها ضمن موازنة وزارة الدفاع، وصولًا إلى توقيع الرئيس الأميركي على الموازنة الجديدة قبل نهاية العام، وبالتالي دخول إلغاء قانون قيصر حيّز التنفيذ”.
وكان قانون قيصر فرض عقوبات واسعة النطاق على سوريا منذ عام 2020، وكان يستهدف عزل النظام السابق اقتصادياً من خلال منع التجارة معه، لكنه أدى إلى تضخم اقتصادي في سوريا بلغ 120% سنويًا (حسب تقارير البنك الدولي حتى 2024)، وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي إلى أقل من 500 مليون دولار، ما أثر على استيراد الغذاء والدواء بنسبة 70%.