الحرية ـ سامر اللمع:
بعد تصويت مجلس النواب الأميركي على إلغاء “قانون قيصر” في نهاية الأسبوع المنصرم، ينتظر السوريون تصويت مجلس الشيوخ على النسخة النهائية من مشروع قانون التفويض الدفاعي الوطني للعام المالي 2026، متضمناً مادة تنص على الإلغاء الكامل وغير المشروط لقانون “قيصر” ورفع العقوبات المفروضة على بلادهم، ما يفتح آفاقاً جديدة أمامهم بانتظار حياة أفضل.
سوريا التي رحبت، على لسان وزير خارجيتها أسعد الشيباني بالخطوة الأميركية، حيث وصفها بـ”الإنجاز التاريخي والانتصار للحق، ولصمود الشعب السوري”، تعي جيداً أن هناك بنوداً معينة تتم مراجعتها كل فترة وهي بالأساس ضمن السياسات التي تتبعها الحكومة مسبقاً ومن ضمنها احترام حقوق الأقليات، والانخراط في مكافحة التنظيمات الإرهابية، واتباع سياسة السلام وحسن الجوار مع الجيران.
ولا شك في أن “الاشتراطات” الأميركية لإلغاء “قانون قيصر” لا تتناقض مع المصلحة الوطنية السورية، باعتبار أن الحكومة السورية لها خبرة في مكافحة الإرهاب وترى أن التهديد الإرهابي يقوض أمنها واستقرارها، كما أن من مصلحتها جلب الاستثمارات ورؤوس الأموال.
ولتحقيق هذا الهدف، حققت الحكومة إنجازات داخلية ونجاحات في تعاملها مع الخارج، على عدة مستويات، أمنية واقتصادية وسياسية، وهي تتخذ خطواتها على أرضية صلبة، لأن وحدة البلد خيار لا بديل عنه.
خطوات في الاقتصاد
قامت الدولة السورية بخطوات مهمة على المستوى الاقتصادي، منها مساعدة المستثمرين للقدوم إلى سوريا عبر التوجه لوضع مشاريع قوانين مساعدة للاستثمار ما سيؤدي إلى ضخ الأموال والاستثمارات في البلد وخاصة من طرف دول الخليج، وستكون سوريا خلال الفترة المقبلة أكثر حرية على الصعيد الداخلي.
وفي سبيل تحقيق هدف جلب الاستثمارات، عملت سوريا خلال الأشهر الستة الماضية على إنجاز الكثير من اتفاقات الاستثمار التي تم توقيعها مع شركات عالمية وإقليمية ترغب في الاستثمار في الداخل السوري، ولكن أغلب هذه الاستثمارات لم يتم تنفيذها بعد، بانتظار رفع العقوبات حيث يمكن بعدها مباشرة هذه العقود بشكل فوري.
أما على المدى البعيد فتسهم هذه الاستثمارات في عودة الإعمار وعودة اللاجئين وبناء القطاع الصحي والتعليم والتحسن الاقتصادي الذي بدوره سيؤدي إلى تحسن الأمن والوضع المعيشي في سورية.
خطوات في السياسة
ومن الناحية السياسية، عملت الحكومة السورية الجديدة منذ بدأ عهدها على عقد العديد من الاجتماعات مع مختلف مكونات الشعب السوري بغية طمأنة الجميع إلى أن عهداً جديداً من المصالحات والعيش المشترك قد بدأ في ظل العدالة والحرية للجميع، فتم عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري ثم تم تشكيل حكومة موسعة تشاركية واتبع ذلك انتخابات لمجلس الشعب بمشاركة واسعة لمختلف شرائح السوريين، وما زالت الحكومة تعمل على تنفيذ اتفاق 10/ آذار بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية عبر تمثيل فعلي.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد شاركت سوريا في العديد من المؤتمرات العربية والإقليمية والدولية وأعادت بهذه المشاركات الدور المحوري لها في المكانة والتأثير الدولي، كما أعادت العديد من الدول فتح سفاراتها في دمشق وأعادت سوريا افتتاح سفاراتها في العديد من الدول ورفع العلم السوري الجديد فوق تلك السفارات في مشهد تاريخي فريد.
لا شك في أن للجالية السورية في واشنطن، دوراً مهماً في التأثير لرفع عقوبات قيصر ولن ينتهي هذا الدور وسيتواصل من أجل دعم البناء والتعليم والقطاع الصحي والبنية التحتية وإقامة مشاريع مشتركة بين الجالية السورية الأميركية والسوريين بالداخل وتعريف الأميركيين والسوريين بسورية والتشجيع على الزيارات وإقامة رحلات متبادلة بين الطرفين.