إنتاج العسل في أدنى مستوياته هذا العام بسبب الجفاف

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحريّة – ميليا اسبر:

تشكل التغيرات المناخية التي تحدث على كوكب الأرض إرباكاً للنظام الإيكولوجي (البيئي) وتُحدث تغيّرات مفاجئة في سير العمليات الحيوية للأحياء تبعاً لتبدل أنماط الظواهر المناخية المعتادة، الأمر الذي أثر سلباً على الثروة الحيوانية في سوريا ولاسيما النحل من حيث الإنتاج والتربية.

الخبير في مجال الثروة الحيوانية المهندس عبد الرحمن قرنفلة أوضح لصحيفتنا “الحريّة” أن ظروف الجفاف التي اجتاحت سورية الشتاء الماضي أدت إلى أضرار طالت الزراعة، حيث لم تسمح للنباتات البعلية باستكمال دورة النمو، كما تراجعت المساحات المزروعة على مصادر المياه تبعاً للمتاح منها لري المحاصيل الزراعية والأشجار المثمرة، منوهاً بأنّ الأشجار تتجه في ظروف الجفاف إلى إنتاج الكربوهيدرات أكثر من البروتين، كذلك تنخفض شدة رائحة الأزهار الجاذبة للنحل والملقحات الباقية، وفي حالة الأعشاب البرية والأشواك الجبلية ينخفض إنتاج الرحيق ويصبح قوامه لزجاً جداً، وكثير منها يتعرض للجفاف والموت قبل اكتمال مرحلة الإزهار .

تأثير الجفاف على النحل

وأشار قرنفلة إلى أنّ النحل يعتمد على ما توفره الأزهار من رحيق وحبوب طلع في تأمين تغذيته وتربية حضنة النحل والحفاظ على استقرار الخلية وإنتاج العسل، منوهاً بأن النحالين يعتمدون على التنقل بمناحلهم وفقاً لمواعيد أزهار المحاصيل والأشجار، حيث يبدأ النحل تقليدياً بالسروح في الأيام المناسبة من شهري كانون ثاني وشباط على أزهار أشجار اللوزيات في مناطق غوطة دمشق وفي المحافظات التي تضم أشجار اللوزيات، مضيفاً: إن النحالين يتنقلون إلى المنطقة الساحلية للاستفادة من موسم أزهار الحمضيات وبعض النحالين يتركون مناحلهم لتمضية الشتاء في مناطق الساحل ليبدأ النحل مع تفتح أزهار الحمضيات، إلاً أنّ موجات الصقيع التي ضربت المنطقة الساحلية أدت إلى تساقط الأزهار وحالت دون استفادة النحل منها.. كما تراجع الغطاء النباتي البري (الأعشاب المزهرة) بشكل كبير، ولم يجن معظم النحالين موسم عسل الحمضيات أكثر 10% من الإنتاج السنوي.

وذكر قرنفلة أن النحالين علّقوا آمالهم على موسم اليانسون وحبة البركة وقاموا بنقل مناحلهم إلى مناطق زراعة هذين المحصولين في الغاب والرستن وريف دمشق وريف حلب، لكن تراجع مساحات زراعة هذين المحصولين أوجد ازدحاماً كبيراً في خلايا النحل، وولّد تنافساً بينها على الموارد المحدودة، ما أدى إلى تراجع كبير بحجم الإنتاج وتعرض عدد مهم من قفران النحل للجوع والهلاك، حسبما ذكره قرنفلة، لافتاً إلى أنه في الفترة الراهنة ينتقل النحالون للاستفادة من موسم أزهار الكينا وبعض النباتات البريّة، كالقبار وبعض النباتات الشوكية والتي من غير المأمول الحصول على إنتاج مقبول منها نظراً للجفاف، مؤكداً أن عدم توفر حبوب اللقاح الغنية بالبروتين وغياب الرحيق يدفع النحل العامل بالخلية إلى القضاء على بيوض ملكة النحل وعلى الطور المتوسط من اليرقات وذلك كسلوك تكيفي للحفاظ على الموارد، منوهاً بأن هذا الإجراء يؤدي إلى انقطاع سلسلة الحياة بالقفير نتيجة فقدان النحل العامل الذي سيقوم بمهام رعاية الحضنة أو إحضار الرحيق وحبوب الطلع أو حراسة الخلية وغيرها من الأعمال الضرورية لحياة قفير النحل، وإن فقر حبوب الطلع بالبروتين أدى إلى حدوث موت كبير في أفراد القفران وهجرة عدد من الخلايا.

وذكر قرنفلة أن إنتاج سوريا من العسل قبل عام 2011 تراوح بين 3500 إلى 4000 طن، ببنما بلغ في السنتين الماضيتين الإنتاج بين 2500 و3500 طن، في حين لم يتجاوز الإنتاج 1000 إلى 1500 طن.

تهديدات خطيرة

وكشف قرنفلة بأنه نتيجة حالات الجفاف ضعفت مناعة النباتات وأصبحت أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والحشرات والمتطفلات، وهذا دفع المزارعين لاستخدام المبيدات الحشرية، ما ألحق ضرراً بالغاً بالنحل وأدى لموت جماعي بالقفران وبوقت قصير جداً، كذلك شكلت أسراب طيور الوروار التي تتغذى على نحل العسل كارثة إضافية دمرت الكثير من المناحل، مشيراً إلى أن هذا الواقع سيؤدي إلى تراجع كبير بعدد خلايا النحل كما يسهم بخفض إنتاج البلاد من العسل وباقي منتجات خلية النحل.

المقترحات

وتحدث قرنفلة عن مقترحا علّها تسهم في تحسين واقع النحل أهمها التوجه نحو نشر زراعة الأشجار الرحيقية والطلعية المتحملة للجفاف، وتخصيص مساحات من أراضي أملاك الدولة لتأسيس غابات خاصة للنحل في كل محافظة، إضافة إلى ضرورة العمل لإحياء مركز تأصيل النحل السوري الذي سبق أن أقامته وزارة الزراعة في منطقة الرحملية باللاذقية، نظراً لأن النحل السوري أكثر قدرة على التأقلم مع ظروف الجفاف، ولا بدّ من السعي لتأمين سلالات نحل متحملة للجفاف وخلطها مع النحل السائد حالياً في البلاد، مشدداً على الحد من استيراد المبيدات الحشرية التي تشكل خطورة على حياة النحل.

Leave a Comment
آخر الأخبار