الحرية -بادية الونوس:
لأن الإعلام شريك في التنمية والاقتصاد، تم اليوم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الإعلام وشركة المها الدولية لإنشاء مدينة “بوابة دمشق” للإنتاج الإعلامي والفني في سوريا، باستثمار مليار ونصف المليار دولار، فما هي مدلولات ذلك؟ وما أهمية هذا المشروع الاستراتيجي وانعكاساته الاقتصادية والثقافية على البلد ككل؟
في هذا الصدد، يؤكد خبراء في الشأن الاقتصادي والإعلامي أن مشروعاً كهذا يعني إحدى القواعد الجيدة للنمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، والتنمية الثقافية من خلال الصناعات الإبداعية المزدهرة، بموازاة العمل للحفاظ على الهوية الثقافية وترسيخها وتصدير دمشق كأقدم عاصمة مأهولة في العالم.
د. الكوسا: مشروع استراتيجي مهم وإحدى القواعد الاقتصادية الجيدة
تأثيرات اقتصادية كبيرة
يرى الباحث الاقتصادي الدكتور محمد الكوسا أن التأثير الاقتصادي لمشروع بهذا الحجم متعدد الأوجه، إذ سيساهم حجم النشاط الهائل الناتج عن البناء، وشراء المعدات، والإنتاج المستمر، بشكل مباشر في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وفيما يتعلق بتطوير البنية التحتية، يؤكد د. الكوسا أنه قد يتطلب المشروع، بالإضافة إلى مدينة الإعلام نفسها، تحسينات في البنية التحتية المحيطة، مثل الطرق والمرافق وربما أماكن الإقامة، ما يؤدي إلى مزيد من النشاط الاقتصادي بالتوازي مع جذب الصناعات المساعدة ( المشاريع الصغيرة والمتوسطة ) على النمو وتوسيع نطاق المواقع الاقتصادية لها، إذ يوجِد المركز الإعلامي المزدهر طلباً على مجموعة واسعة من الخدمات الداعمة. يشمل ذلك كل شيء من خدمات الطعام والنقل إلى الأمن والدعم الفني وتصميم الأزياء وبناء الديكورات وتأجير المعدات المتخصصة. وهذا له آثار إيجابية على العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
جذب استثمارات أجنبية
وأضاف د.الكوسا: يمكن لمدينة إعلامية ناجحة أن تجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في القطاعات ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك، إذا اكتسب المشروع اعترافاً دولياً، فقد يعزز بشكل غير مباشر السياحة الثقافية، حيث يهتم الناس بزيارة مواقع التصوير أو حتى المشاركة في الفعاليات المتعلقة بالإعلام.
أيضاً الأمر المهم هو نقل التكنولوجيا والتحديث، وهذا الأمر هو النقطة الجوهرية الأكثر أهمية من إنشاء هكذا مشروع، إذ يعني دمج “أحدث تقنيات البث”، استيراد معدات متقدمة وخبرات، ما قد يؤدي إلى نقل التكنولوجيا وتحديث المهارات التقنية داخل البلاد.
توفير فرص العمل
يرى الباحث الاقتصادي الكوسا أن أرقام فرص العمل المتوقعة للمشروع تعد كبيرة، وتحدث تأثيراً كبيراً على سوق العمل من جهة نوعية فرص العمل المباشرة، حيث توفر (أكثر من 4000)، و هذه تعد وظائف مباشرة داخل مدينة “بوابة دمشق”، وتشمل مجموعة واسعة من الأدوار من الكادر الفني (مهندسين، مصوري كاميرات، فنيي صوت، مونتيرين) إلى المحترفين المبدعين (كتّاب، مخرجين، منتجين، ممثلين)، والموظفين الإداريين، وعمال الصيانة. عادة ما تكون هذه وظائف بدوام كامل، توفر استقراراً وظيفياً.
أيضا توفر فرص العمل الموسمية، حيث توفر (9000)فرصة، و غالباً ما تكون هذه الأدوار خاصة بالمشاريع وتتذبذب مع جداول الإنتاج. يمكن أن تشمل «كومبارس، وبنائّي ديكورات مؤقتين، وطواقم متخصصة لتصوير معين، وموظفي فعاليات، وموظفي دعم للإنتاجات واسعة النطاق». وعلى الرغم من أنها موسمية، إلا أنها توفر دخلاً قيّماً وخبرة لعدد كبير من الأشخاص.
تنمية المهارات
وأشار إلى النقطة الأهم من خلال توفر فرص العمل، وهي تنمية المهارات والتدريب، مبيناً أنه من المرجح أن يتطلب الطلب على هذا العدد الكبير من القوى العاملة برامج تدريب ومبادرات لتنمية المهارات، ما يؤدي إلى تحسين شامل لمهارات القوى العاملة في مجالات الإعلام والمجالات ذات الصلة.
ولم يغفل الدكتور الكوسا موضوع عودة الأدمغة ، مؤكداً أنه إذا نجح المشروع، فقد يوفر أسباباً مقنعة للمواهب في مجال الإعلام والفنون -التي ربما غادرت البلاد- للنظر في العودة، وتطوير المواهب الجديدة محلياً بدلاً من البحث عن فرص في الخارج.
الأهمية الاستراتيجية
عن الأهمية الاستراتيجية للمشروع تحدث عن بعض النقاط المهمة منها:
-تنويع الاقتصاد: تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية وتعزيز صناعات جديدة.
– تنشيط قطاع الفنون والثقافة: يمكن أن يؤدي توفير مرافق حديثة وبيئة داعمة للفنانين والمبدعين إلى نهضة في الإنتاج الفني المحلي.
جذب استثمارات
من جانبه, يؤكد مدير المركز الصحفي السوري أكرم الأحمد أهمية هذا المشروع ، حيث سيتيح الآلاف من فرص العمل «مباشرة وموسمية» إضافة إلى جذب استثمارات في مجال الإنتاج الإعلامي والسياحي والثقافي ، وهذا يتطلب خدمات لوجستية وإيجاد شركات تخدم قضايا الإنتاج الفني.