الحرية- أمين سليم الدريوسي:
في خطوة تاريخية استثنائية تُعيد رسم ملامح الشرق الأوسط، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم عن اتفاق شامل لإيقاف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وجاء هذا الإعلان بعد سنوات من التوترات والصراعات التي كشفت عن شدائد مطولة تهدّد استقرار المنطقة، وفي ظل احتمالية تحوّل الصراع الدائر حالياً بين الدولتين إلى نزاع دامٍ قد يؤدي إلى دمار واسع النطاق في أرجاء الشرق الأوسط، برز هذا الاتفاق كشعاع أمل يمحو آثار العنف ويعيد الثقة في الحلول الدبلوماسية.
هذه الحرب التي كان شبحها يُخيم منذ سنوات، وحذّر منها قادة الدول والمحللون السياسيون مراراً بأنها قد «تدمّر الشرق الأوسط بأكمله» وخاصة بعدما رأينا ومضاتها القاتلة في السماء وسمعنا هدير صواريخها وطائراتها، كانت شرارة كفيلة بإشعال حريق لا يُطفأ، لكن المعجزة -أو الحكمة المتأخرة- حدثت، وتجنّبت المنطقة بكاملها الهاوية في اللحظة الأخيرة.
وقف إطلاق النار يمثل بداية فصل جديد، ويدخل حيز التنفيذ خلال ساعات، مع بدء مرحلة تجريبية مدتها 12 ساعة تهدف إلى تقييم استقرار الوضع وتأكيد جدية الأطراف في الالتزام بالحفاظ على الهدوء، هذه الفترة التجريبية ليست سوى البداية في عملية تتطلب يقظة ومراقبة دقيقة من قبل المجتمع الدولي، حيث تُعد خطوة أولى نحو إنهاء رسمي للحرب، وتمثل رمزاً للتخلي عن أساليب العنف واستبدالها بآليات الحوار والتفاهم المتبادل.
وعن تأثيرات الاتفاق على العلاقات الإقليمية والدولية فإن هذا الإعلان يمثل منعطفاً مهماً في مسار العلاقات بين إيران ودول الجوار، حيث إن إنهاء المواجهة العسكرية قد يفتح الباب أمام فرص التعاون في مجالات عدة قد تكون في السابق محظورة تحت وطأة النزاعات، فمن خلال تقليل حدة التوتر، قد تتم إعادة هيكلة التحالفات الإقليمية، ومضاعفة جهود التعاون الاقتصادي والثقافي بين الدول المجاورة، كما يُعد الاتفاق درساً دبلوماسياً يُبرز أنه حتى النزاعات العميقة يمكن أن تجد لها مكاناً على طاولة الحوار، ما ينمّي الثقة ويحفّز الدول الأخرى لإعادة تقييم مواقفها نحو الصراعات الدائرة.
وفي ردود الفعل الدولية والمحلية فقد رحبت العديد من الدول والمنظمات الدولية بهذا الإعلان، معتبرةً أنه خطوة جوهرية لتخفيف الاضطرابات في منطقة طالما يراها العالم مسرحاً للصراعات المستعرة، غير أن بعض الأصوات لا تزال حذرة وتنتظر رؤية تطبيق الاتفاق على أرض الواقع، إذ إن التحوّل من الكلام إلى الفعل يشكل تحدياً كبيراً يتطلب التزاماً جاداً من كلا الطرفين.
يُعد إعلان وقف إطلاق النار بمنزلة بوابة لعهد جديد في المنطقة، ولكن من الضروري أن تُوضع آليات مستدامة تضمن تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، مع إشراك المجتمع الدولي في رصد الالتزامات وتوثيق التقدم، كما يشكل هذا الاتفاق فرصة لتجديد الروابط بين الشعوب وحثّ قادتها على الاستثمار في إعادة بناء الثقة، وتوجيه طاقاتهم نحو مشروعات التنمية المتكاملة التي تعود بالنفع على الجميع، ومع تراجع سحابة الحرب، يبدأ الآن فصل جديد يحث جميع الأطراف على تجاوز الاختلافات وتحقيق تقدم ملموس في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وتظل هذه اللحظة التاريخية هي دعوة للتفاؤل بمستقبل أكثر استقراراً، ورمزاً لقدرة الحوار الدبلوماسي على كسر قيود العنف، وفي ظل هذه الأجواء، تتطلع الشعوب إلى غدٍ تُمحى فيه نذر الحرب وتزدهر فيه قيم الإنسانية والتعاون العالمي، ما يشكّل أساساً جديداً لصنع مستقبل يقوم على مبادئ العدالة والسلام الدائمين.
إيران وإسرائيل.. ترامب أعلن انتهاء الحرب والمنطقة تجنّبت الأسوأ

Leave a Comment
Leave a Comment