الحرية – متابعة: مها سلطان:
تحليل مطول نشرته مجلة الـ«ايكونوميست» في عددها اليوم الإثنين حول الحرب الإيرانية الإسرائيلية، لتركز كغيرها على السؤال الرئيس المتعلق بدور أميركا ومشاركتها المباشرة إلى جانب إسرائيل، مؤكدة أن أميركا تتورط أكثر فأكثر فيها، حيث يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوات متصاعدة من أجل المضي «وبالكامل لسحق» إيران.
وتعود المجلة إلى تاريخ 12 حزيران الجاري حيث أكد ترامب أن إدارته «لا تزال ملتزمة بالتوصل إلى حلّ دبلوماسي للقضية النووية الإيرانية».. ثم وفي غضون ساعات بعدها هاجمت إسرائيل إيران. ولفتت إلى أن القوات الأمريكية «تساعد بالفعل في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الصاروخية» الإيرانية، لكن السؤال الكبير الآن هو فيما إذا كان ترامب قد انجر بشكل أعمق؟
ولفتت ايكونوميست إلى أن هذا ما يطالبه به وبقوة بعض الجمهوريين، ففي 13 حزيران الجاري قال السناتور الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، ليندسي غراهام إنه «إذا فشلت الدبلوماسية، فإنه يعتقد بشدة أنه من مصلحة الأمن القومي الأمريكي الذهاب كلياً لمساعدة إسرائيل على إنهاء المهمة».
وشددت المجلة على أنه بات من الواضح الآن أن ترامب كانت لديه معلومات أولية ومقدماً عن الهجوم الإسرائيلي. وقد اجتمع فريقه للسياسة الخارجية الموزع بين الصقور الداعين لضرب إيران والإنعزاليين، في كامب ديفيد بـ 8 حزيران الجاري لمناقشة الهجوم الإسرائيلي الذي يلوح بالأفق ضد إيران.
وتحدث ترامب مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في 9 حزيران و 12 حزيران، وبعد الهجمات في 13 حزيران. وفي 11 حزيران أمر ترامب بإخلاء جزئي للسفارة الأمريكية في بغداد، حيث كانت الاستعدادات الإسرائيلية تجري بالتزامن مع الدبلوماسية الأمريكية. وكان من المقرر عقد الجولة التالية من المحادثات الإيرانية بقيادة مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف في 15 حزيران في سلطنة عمان.
وقد فقدت تلك المحادثات زخمها، لكن «إسرائيل، المعادية للاتفاق النووي، كانت لا تزال على الأرجح حريصة على التحرك قبل أي اتفاق محتمل».
وقد دفع نجاح الهجمات الأولية ترامب إلى تأييدها بالكامل بأثر رجعي. وقال لأحد المحاورين: «أعتقد أنها كانت ممتازة، لقد منحناهم فرصة ولم يستغلوها» أي للإيرانيين. وتباهى لآخر قائلاً: «لطالما كنت أعرف الموعد».
وأضافت المجلة أن الجيش الأمريكي «متورط بالفعل في الهجمات، فقد ساعدت أنظمة دفاعه الجوي في حماية إسرائيل، وفي 13 حزيران أسقطت كل من البطاريات الأرضية ومدمرة تابعة للبحرية الأمريكية مقذوفات إيرانية. ومن المرجح أن تشارك القيادة المركزية الأمريكية في مساعدة إسرائيل على متابعة إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، والتي يمكن رصدها من الأقمار الصناعية الأمريكية التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء.
مع ذلك، وتماشياً مع صورة التناقض الأمريكي الأولي، فإن القوة العظمى ليست مستعدة لحرب شاملة. ففي منتصف أيار، سحبت إحدى حاملتي طائراتها من المنطقة. واستبدلت قبل فترة قاذفات بي-2 الشبحية المنتشرة في دييغو غارسيا في المحيط الهندي بطائرات بي-52 قديمة.
من الواضح أن ترامب يأمل في الدبلوماسية، حيث نشر على وسائل التواصل الاجتماعي: يجب على إيران إبرام صفقة، قبل ألّا يتبقى شيء، وإنقاذ ما كان يعرف سابقاً بالإمبراطورية الإيرانية. لكن خطوط الاتصال مع إيران قد تكون الآن في طريقها إلى الانغلاق. ووفقاً لتقارير في 14 حزيران ، وصف مسؤول إيراني المفاوضات الأمريكية الإيرانية بأنها بلا معنى.
ورأت المجلة أن أمريكا قد تتورط أكثر في الحرب، فهي تسرع بإرسال مدمراتها إلى الشرق الأوسط، حيث ألغت حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» في المحيط الهادئ زيارة إلى فيتنام، مشيرة إلى أنها قد تتجه غرباً. كما يمكن لأمريكا توفير المزيد من المعلومات الاستخباراتية الآنية وتزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود لمنحها مزيداً من «وقت التوقف» فوق إيران.
ويقول مطلعون على التخطيط لهذا السيناريو «إنها على الأرجح تفتقر إلى القدرة على تدمير فوردو، منشأة التخصيب المدفونة عميقاً، بالقصف التقليدي، على الرغم من أنها قد تغلق مداخل الأنفاق وفتحات التهوية. ربما تستطيع إسرائيل إقناع أمريكا بالانضمام إلى الحملة بقاذفاتها الثقيلة، التي تحمل قنابل وزنها 30,000 رطلٍ قادرة على الحفر في أعماق أكبر، بدلاً من ترك المهمة منجزة جزئياً. وقد تنخرط أمريكا أيضاً في الحرب بسبب الرد الإيراني وقدرة إيران المحدودة على ضرب إسرائيل قد تجبرها على البحث عن خيارات».
ولفتت إيكونوميست إلى أن إيران، قد تضرب أهدافاً أمريكية في المنطقة، على أمل إثارة قلق ترامب. كما قد تستخدم حلفاءها لمهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر، كما يفعل الحوثيون في اليمن، أو منشآت النفط في الخليج، بشكل يؤدي إلى رفع الأسعار.
وتابعت: إذا أسقطت جهود إسرائيل النظام الإيراني، وهو طموح عبر عنه نتنياهو صراحةً في 13 حزيران ، قائلاً إن الضربات تمهد الطريق للإطاحة به، فقد لا يتمكن الرئيس من النجاة من الفوضى الناتجة، والتي قد تهدد بسهولة مصالح أمريكا أو حلفائها في المنطقة.
فقبل شهر واحد فقط، أثناء وجوده في السعودية، عبر ترامب عن رؤية مختلفة، وتحدث عن «عصر ذهبي» للشرق الأوسط «تسوده التجارة لا الفوضى». وندد بالتدخل الغربي في المنطقة، مؤكداً أن السياسة الأمريكية ستعتمد من الآن فصاعداً على التجارة والاستثمار.
وفي أمريكا، يدعم الجمهوريون إسرائيل بشكل واسع وما تقدمه أمريكا من دعم لها. ونشر مايك جونسون، رئيس مجلس النواب، في 13 حزيران: «إسرائيل محقة ولها الحق في الدفاع عن نفسها!».
ومع ذلك، كلما طال أمد الحملة، زاد رد الفعل العنيف بين أعضاء حركة غاما «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» وهي حركة المعادين للتدخلات الأجنبية. وقد تداول البعض بالفعل مقطع فيديو قديماً لترامب يندد بسياسة باراك أوباما تجاه إيران قائلاً: «سيبدأ رئيسنا حرباً مع إيران لأنه لا يملك أي قدرة على التفاوض.
وتختم إيكونوميست: إن معضلة ترامب المتردد دائماً، هي معضلة حادة، فهو إذا اختار «المساهمة الكاملة» في مساعدة إسرائيل على تدمير المنشآت النووية الإيرانية، فقد يقصّر أمد الصراع.. بالمقابل قد يؤدي ذلك أيضاً إلى تصعيده وتعريض أمريكا لحرب أخرى لا تنتهي.