اتفاقيات التعاون الاقتصادي مع السعودية خطوة مهمة لاستقطاب الاستثمارات وتحريك عجلة الاقتصاد

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

طرطوس- ثناء عليان:
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور شادي أحمد أن توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي مع المملكة العربية السعودية يُعدّ خطوة مهمة نحو استقطاب الاستثمارات وتحريك عجلة الاقتصاد، ولكن لكي تنعكس هذه الخطوة إيجاباً على المجتمع بأكمله، من المهم أن تضع الحكومة السورية خطة استثمارية وطنية واضحة المعالم لتوجيه المستثمرين نحو القطاعات ذات الأولوية، خاصة في ظل حاجة البلاد لإعادة إعمار تقدر تكلفتها بأكثر من 400 مليار دولار بحسب تقارير الأمم المتحدة.
ووفقاً لـ”أحمد” في تصريحه لـ”الحرية”، يمكن للحكومة تقديم حوافز موجهة تشمل تخفيضات ضريبية تصل إلى 50% على أرباح المشاريع في قطاعات مثل البنية التحتية والزراعة والصناعة، مع اشتراطات تلزم المستثمرين بتحقيق مؤشرات اجتماعية مثل توظيف نسبة 60% من العمالة محلياً.
كذلك إنشاء صناديق استثمار مشتركة، تجمع بين رأس المال المحلي والخارجي، مثل صندوق إعادة الإعمار السوري- السعودي الذي اقترحته بعض الجهات، إذ يمكن أن يوفر منصة شفافة وفعالة لتوجيه الأموال نحو مشاريع تنموية مستدامة.

أولويات الاستثمار

وعن أولويات الاستثمار في سوريا من منظور الحاجة والمصلحة الوطنية، أكد أحمد أن إعادة تأهيل البنية التحتية تُعد أهم أولويات الاستثمار، مع تقديرات تفيد بأن 70% من شبكات الكهرباء والمياه في حاجة لإصلاح أو استبدال، لافتاً إلى أن الزراعة تمثل 20% من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف أكثر من 30% من القوى العاملة، لذا دعم هذا القطاع بتحسين تقنيات الإنتاج يمكن أن يعزز الأمن الغذائي ويقلل الواردات التي تستهلك حوالي 3 مليارات دولار سنوياً.
كذلك الصناعات التحويلية مثل الأغذية والنسيج يمكن أن تستوعب ملايين فرص العمل، وهو أمر ضروري –حسب أحمد- في ظل ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت 50% في بعض المناطق، كما أن الاستثمار في الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، يفتح آفاقاً لتحويل سوريا إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة، مع وجود فرص لاستقطاب استثمارات تتراوح بين 2 إلى 5 مليارات دولار خلال العقد القادم، أما التعليم والتدريب المهني، فيجب تخصيص نسبة لا تقل عن 5% من الميزانية السنوية لهذا القطاع الحيوي.

تسهيل بيئة الاستثمار

وبيّن أحمد أنه يمكن للحكومة تسهيل بيئة الاستثمار لجذب المزيد من رؤوس الأموال من خلال، تبسيط الإجراءات الإدارية لما له من تأثير مباشر على جذب الاستثمار؛ حيث تشير دراسات البنك الدولي إلى أن سوريا تحتاج إلى تخفيض عدد أيام تسجيل الشركات من أكثر من 30 يوماً إلى أقل من 10 أيام لتنافس الدول الإقليمية، ووضع قوانين لحماية المستثمرين وتنفيذها بفعالية يعزز الثقة، خاصة مع وجود آليات تحكيم دولية متاحة، وتوفير الأمن والاستقرار يعتبر من أهم عوامل جذب المستثمرين، إذ إن نسبة الجريمة وانعدام الأمن تمثل عقبة رئيسية حسب تقارير محلية، كما أن تطوير البنية التحتية الرقمية وتوفير خدمات حكومية إلكترونية متكاملة يسهل على المستثمرين عملياتهم ويوفر عليهم الوقت والتكلفة.، إضافة إلى أن الشراكة مع القطاع الخاص وإنشاء مجالس حوار منتظمة مع المستثمرين تحسن بيئة الأعمال وتزيد من فرص الابتكار.

تحديات

أما أبرز التحديات التي تواجه الاستثمار في سوريا أضاف أحمد: تعتبر حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي العائق الأبرز، حيث تؤثر بشكل مباشر على ثقة المستثمرين. وفقاً لتقارير البنك الدولي، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في سوريا بنسبة تجاوزت 80% منذ بداية الأزمة. ضعف البنية التحتية يعوق المشروعات، حيث تحتاج إلى استثمارات تقدر بالمليارات لإعادة تأهيل الطرق وشبكات الكهرباء.
ويرى أحمد أن البيروقراطية المعقدة وعدم وضوح التشريعات تضع العراقيل أمام المستثمرين، ويحتاج الأمر إلى إصلاحات قانونية وتسريع إجراءات تسجيل الأعمال، لافتاً إلى أن نقص التمويل يمثل تحدياً كبيراً، حيث إن المؤسسات المالية المحلية لا تزال غير قادرة على دعم المشاريع الكبرى، ما يستدعي تأسيس صناديق تمويل مشتركة مع شركاء إقليميين ودوليين بقيمة مبدئية تتجاوز 500 مليون دولار.
تحسين الخدمات اللوجستية والاتصالات، خصوصاً في المناطق الريفية، ضروري لتسهيل حركة البضائع والعمال.
وختم أحمد قائلاً: لتحقيق الاستفادة القصوى من رأس المال السعودي والخارجي، يجب على سوريا اعتماد رؤية استراتيجية متكاملة تستند إلى احتياجاتها الوطنية الحقيقية، وتوفر بيئة استثمارية آمنة، شفافة، ومحفزة، هذا بدوره سيساعد في إعادة بناء الاقتصاد الوطني وتحسين ظروف حياة المواطنين.

Leave a Comment
آخر الأخبار